responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 156

لكن حياة مناسبة لمقامه الاسمى، بحذف الزوائد و النواقص و الأخذ بالنخبة و الزبدة واللب والمعنى، فهو سبحانه حيٌّ أي «فاعل» و «مُدْرِكٌ». و إنْ شئت قلت: «فعّال» و «درّاك»، لا كفعّالية الممكنات و درّاكيّتها.

تمثيل لتصوير التطوير في الإِطلاق

ما ذكرناه في حقيقة الحياة، و أنَّ العقل بعد ملاحظة مراتبها ينتزع مفهوماً وسيعاً ينطبق على جميعها، أمر رائج. مثلا: إنَّ لفظ «المصباح» كان يطلق في البداية على الغصن المشتعل، غير أنَّه تطور حسب تطور الحضارة و التمدن، فاصبح يطلق على كل مشتعل بالزيت و النفط و الغاز والكهرباء، بمفهوم واحد، و ما ذاك إلاّ لأن الحقيقة المقوّمة لصحة الإِطلاق: كون الشيء ظاهراً بنفسه، مُظهِراً لغيره و مُنيراً ما حوله. و هذه الحقيقة - مع اختلاف مراتبها - موجودة في جميع المصاديق، و في المصباح الكهربائي على نحو أتمّ.

إِنَّ من الوهم تفسير حياة الباري من خلال ما نلمسه من الحياة الموجودة في النبات و الحيوان و الإِنسان. كما أنَّ من الوهم أَنْ يُتصور أنَّ حياتَه رهنُ فعل و انفعال كيميائي أو فيزيائي، إذّ كل ذلك ليس دخيلا في حقيقة الحياة و إِنْ كان دخيلا في تحققها في بعض مراتبها، إِذ لولا هذه الأفعال الكيميائيّة أَو الفيزيائيّة، لامتنعت الحياة في الموجودات الطبيعية.

لكن دخالته في مرتبة خاصة لا يعد دليلا على كونه دخيلا في حقيقتها مطلقاً. كما أَنَّ اشتعال المصباح بالفتيلة في كثير من أقسامه لا يعد دليلا لكونها مقومة لحقيقة المصباح و إن كانت كذلك لبعض أَقسامه. و عندئذ نخرج بالنتيجة التالية و هي أَنَّ المقوّم للحياة كون الموجود عالماً و عاملا، مدركاً و فاعلا، فعّالا و درّاكاً، أَوْ ما شئت فعبّر.

اسم الکتاب : الإلهيات على هدى الكتاب والسُّنة والعقل المؤلف : مكي العاملي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست