اسم الکتاب : الأمر بين الأمرين المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 35
غير مرّة حتى خوفته
من السلطان ، فقال : لا أعود بعد اليوم [١].
أمّا بنو العباس فلم يشذّوا عن سياسة
بني أُميّة في تبنّي القدر على رأي الأشاعرة ، غير أنّ المأمون والمعتصم اختلفا
عنهم في هذا الرأي ، وتبنّوا رأي المعتزلة في الاختيار والتفويض ، فلمّا تولّى
المتوكل الحكم تبنّى رأي الأشاعرة في الجبر ، وكان يحاسب ويعاقب عليه ، وتبعه
الخلفاء من بعده على هذا الرأي.
التفويض :
يسود في التاريخ الإسلامي في مسألة
الحتمية والاختيار في سلوك الانسان الفردي رأيان متقابلان :
وهما : الجبر والتفويض.
أمّا المذهب الأول : فيتبناه الأشاعرة ،
وأمّا المذهب الثاني : فيتبناه المعتزلة.
ومذهب المعتزلة في التفويض : أنّ الله
تعالى فوّض إلى الإنسان اختيار ما يعمل ، والانسان مستقل استقلالاً كاملاً فيما
يصنعه.
وهذا المذهب يأتي في مقابل المذهب الأول
تماماً.
ولئن كان التبرير الفلسفي والعقائدي
للمذهب الأول هو الاحتفاظ ب ( أصل التوحيد ) وإرجاع كل شيء في هذا الكون من الأعيان
والأعمال إلى الله تعالى ( والله خلقكم وما
تعملون )
( الصافات ٣٧ : ٩٦ ). فإنّ