اسم الکتاب : الدّروع الواقية المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 271
عَن يَسيرٍ من
الهوانِ ، وعن الكلمة اليَسيرةِ تَقعُ في حقِّكَ من إنسانٍ ، فكيفَ تكونُ إذا
فضحتكَ ذُنوبكَ بَينِ أهلِ المغاربِ والمشارِق الّذينَ كنتُ تُوثِرهُم على الخالِقِ
الرّازِقِ ، وتَستُر حالكَ عنهم ، وتَقدّم رضاهُم على رِضا مَولاكَ الذي هُوَ
واللهِ أهَمُّ منكَ ومنهم. ثمَّ ترى نفسكَ وقد خرجَ من يديكَ رضا مولاكَ ، وما نَفَعَكَ
أهلُ دُنياكَ ، وشمتَ بك حُسّادكَ ومن يُريدُ أذاك ، وصِرتَ في أسرِ الغضبِ وهول
الهلاكَ. أما عَرفْتَ مقالَ مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، وَهُوَ جَهينةِ
الخبرِ بما تنتهي أحوالُ العبادِ إليه : « واعلَموا أنهُ ليس لهذا الجلدِ الرَّقيقِ
صبر على النّارِ ، ( فارحموا نُفوسَكم فانكم قد جربتموها ) [١] في مصائِبِ الدّنيا فَرَأيتم جَزَعَ
أحدكم من الشَّوكةِ تُصيبُه ، والعَثرة تدمِيه ، والرَمضاءُ تحرِقُهُ. فكيفَ إذا
كان بين طابقين من نارٍ ، ضجيع حَجَرٍ وقرين شيطانٍ ؟ اما عَلِمتُم أنَّ مالِكاً
إذا غَضِبَ عَلَى النّارِ حَطَمَ بَعضها بَعضاً لِغَضَبهِ ، وإذا زَجَرَها تَوَثبت
بينَ أبوابها جزعاً من زَجرَتِهِ ؟ أيّها اليفنُ [٢] الكبير الّذي قَد لهزَهُ القَتيرُ [٣] ، كيف أنت إذا التَحمت أطواقُ النّيرانِ
بعظامِ الأعناقِ ( ونَشبتِ ) [٤]
الجوامِع حتّى أكَلت لحومَ السّواعِد »[٥].
أقول
:
فَهَل هذا مّما يقدر الإنسانُ على احتمالِهِ ، أو يُهَوِّن العاقل بأهوالِهِ ؟! وهَبكَ
ما تصدِّقُ بِذلكَ ، أمّا تجوَّزُ تجويراً أن يكون اللهَ جَلَّ جَلالُهُ صادِقاً
في وعيدِهِ ومَقالِهِ ؟! فَلأيّ حالٍ ما تَستَظهِرُ لنفسك حَتَّى تسلِمَ من عذابهِ
ونكالهِ ؟!.
[١] في نسخة « ك »
:وقد جربتم ، واثبتنا ما في نسخة المجلسي وهي الموافقة لما في نهج البلاغة.
[٢] اليفن : الشيخ
الكبير. الصحاح ـ يفن ـ ٦ : ٢٢١٩.
[٣] لهزه القتير :
أي خالطه الشيب لسان العرب ـ لهز ـ ٥ : ٤٠٧.
[٤] في نسخة « ك » :
وتشبثت ، واثبتنا ما في نسخة المجلسي وهي الموافقة لنهج البلاغة.
[٥] خطبة امير
المؤمنين في نهج البلاغة ٢ : ١٣٥ / خطبة ١٧٨ ، ونقله المجلسي في البحار ٨ : ٣٠٦ / ٦٨.
اسم الکتاب : الدّروع الواقية المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 271