اسم الکتاب : نظرة عابرة الى الصحاح الستة المؤلف : عبد الصمد شاكر الجزء : 1 صفحة : 30
اكتفاء الواحد منهم
ـ كأبي حنيفة ـ بما بلغه ووثق به من الحديث وإن قلّ ، وعدم تعنيه في جمع غيره إليه
ليفهم دينه ويبيّن أحكامه ، قوي عندك ذلك الترجيح.
بل تجد الفقهاء ... لم يجتمعوا على
تحرير الصحيح والاتفاق على العمل به ، فهذه كتب الفقه في المذاهب المتّبعة ولا
سيّما كتب الحنفية فالمالكية فالشافعية ، فيها مئات من المسائل المخالفة للاَحاديث
المتّفق على صحّتها ... وقد أورد ابن القيّم في « أعلام الموقعين » شواهد كثيرة
جداً من ردّ الفقهاء للاَحاديث الصحيحة عملاً بالقياس أو لغير ذلك ، ومن أغربها
أخذهم ببعض الحديث الواحد دون باقيه ، وقد أورد لهذا أكثر من ستين شاهداً. انتهى
كلام هذا المفسّر الفقيه العارف بالاحاديث أعني السيّد رشيد رضا.
أقول : ما ذكره هو الواقع خارجاً سواء
كان حقّاً أو باطلاً ، فانّ الخلفاء لا سيّما عمر رضي الله عنه وأرباب المذاهب لم
يكونوا يقيّدون أنفسهم بالاَحاديث ، بل يقدّمون اجتهادهم بالقياس وغيره عليها من
دون استيحاش وحرج ، فلم يكن قيمتها عندهم كقيمة الآيات القرآنية ، فالسنّة القولية
عند أهل السنة ـ وإن عدّت أحد ركني الشريعة ادعاءً ولكنّها ليست كذلك ـ عملاً بأي
دليل كان ، وإن كان ما أعتذر به السيّد رضا ـ على ما عرفته آنفاً ـ من أحسن
الاعتذار ، ومنه يظهر أمران آخران ، وهما :
١ ـ انّ ما ذكره جمع من الغافلين من
اعتبار روايات الصحاح الستة ، وعدم جواز التشكيك في اعتبارها وصدورها عن رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واتفاق
الكلّ على اعتبارها ـ خصوصاً على اعتبار أحاديث البخاري ومسلم ـ مخالف للواقع ، بل
هو طبل فارغ لا وزن له سوى صوته! فانّ الصحابة لم يروها معتبرة وفقهاء المذاهب ـ
خصوصاً الاِمام أبو حنيفة ـ لم يقبلوها كما
اسم الکتاب : نظرة عابرة الى الصحاح الستة المؤلف : عبد الصمد شاكر الجزء : 1 صفحة : 30