اسم الکتاب : مكارم الاخلاق المؤلف : الطبرسي، رضي الدين الجزء : 1 صفحة : 318
ولقد دخل أبوجعفر عليهالسلام على أبيه زين العابدين عليهالسلام فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه
أحد ، فرآه قد اصفر لونه من السهر ورمصت عيناه من البكاء [١] ودبرت جبهته وورمت ساقاه وقدماه من
القيام في الصلاة ، فقال أبوجعفر عليهالسلام
: فلم أملك حين رأيته بتلك الحالة من البكاء فبكيت رحمة له ، وكان يفكر فالتفت إلي
بعد هنيئة من دخولي فقال : يا بني : أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي عليهالسلام ، فأعطيته فقرأ فيها يسيرا ثم تركها من
يده تضجرا وقال : من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب عليهالسلام.
وكان علي بن الحسين عليهماالسلام إذا توضأ اصفر لونه ، فقيل له : ما هذا
الذي يغشاك؟ فقال : أتدرون من أتأهب للقيام بين يديه؟!.
وروي أن الكاظم عليهالسلام كان يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته
بالدموع [٢].
الفصل الرابع
(
في نوادر من الصلوات )
( في الاستخارة
)
قال الصادق عليهالسلام : إذا أردت أمرا فلا تشاور فيه أحدا
حتى تشاور ربك ، قال : قلت له : وكيف أشاور ربي؟ قال : تقول « أسخير الله » مائة
مرة ثم تشاور الناس ، فإن الله يجري لك الخيرة [٣]
على لسان من أحب.
من كتاب المحاسن ، عن الحلبي [٤] ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن المشورة لا تكون إلا بحدودها
الاربعة فمن عرفها بحدودها وإلا كانت مضرتها على المستشير أكثر من منفعتها ، فأولها
أن يكون الذي تشاوره عاقلا ، والثاني أن يكون حرا متدينا ،
[١] رمصت عينه : سال
منها الرمص. والرمص ـ بالتحريك ـ : وسخ أبيض يجتمع في موق العين.