اسم الکتاب : كمال الدين و تمام النعمة المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 23
رد إشكال و كان من معارضة خصومنا أن قالوا و لم أوجبتم في
الأئمة ما كان واجبا في الأنبياء فما أنكرتم أن ذلك كان جائزا في الأنبياء و غير
جائز في الأئمة فإن الأئمة ليسوا كالأنبياء فغير جائز أن يشبه حال الأئمة بحال
الأنبياء فأوجدونا دليلا مقنعا على أنه جائز في الأئمة ما كان جائزا في الأنبياء و
الرسل فيما شبهتم من حال الأئمة الذين ليسوا بأشباه الأنبياء و الرسل و إنما يقاس
الشكل بالشكل و المثل بالمثل فلن تثبت دعواكم في ذلك و لن يستقيم لكم قياسكم في
تشبيهكم حال الأئمة بحال الأنبياء ع إلا بدليل مقنع.
فأقول و بالله أهتدي إن
خصومنا قد جهلوا فيما عارضونا به من ذلك و لو أنهم كانوا من أهل التمييز و النظر و
التفكر و التدبر باطراح العناد و إزالة العصبية لرؤسائهم و من تقدم من أسلافهم
لعلموا أن كل ما كان جائزا في الأنبياء فهو واجب لازم في الأئمة حذو النعل بالنعل
و القذة بالقذة و ذلك أن الأنبياء هم أصول الأئمة و مغيضهم[1] و الأئمة هم خلفاء الأنبياء و
أوصياؤهم و القائمون بحجة الله تعالى على من يكون بعدهم كيلا تبطل حجج الله و
حدوده و شرائعه ما دام التكليف على العباد قائما و الأمر لهم لازما و لو وجبت
المعارضة لجاز لقائل أن يقول إن الأنبياء هم حجج الله فغير جائز أن يكون الأئمة
حجج الله إذ ليسوا بالأنبياء و لا كالأنبياء و له أن يقول أيضا فغير جائز أن يسموا
أئمة لأن الأنبياء كانوا أئمة و هؤلاء ليسوا بأنبياء فيكونوا أئمة كالأنبياء و غير
جائز أيضا أن يقوموا بما كان يقوم به الرسول من الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي
عن المنكر إلى غير ذلك من أبواب الشريعة إذ ليسوا كالرسول و لا هم برسل ثم يأتي
بمثل هذا من المحال مما يكثر تعداده و يطول الكتاب بذكره فلما فسد هذا كله كانت
هذه المعارضة من خصومنا فاسدة كفساده.
[1]. المغيض: مجتمع الماء و مدخله في الأرض و
المراد بالفارسية( انبياء نسخه أصل و سرچشمه امامانند). و في بعض النسخ« و مفيضهم»
من الإفاضة.
اسم الکتاب : كمال الدين و تمام النعمة المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 23