اسم الکتاب : كمال الدين و تمام النعمة المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 12
المثوبة و ما زاد في المثوبة إلا كشف عن الرحمة و دل على
الجلالة فصح الخبر أن فيه تأييد الحكمة و تبليغ الحجة.
و في قول الله عز و جل وَ إِذْ قالَ
رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً حجة في غيبة
الإمام ع من أوجه كثيرة أحدها أن الغيبة قبل الوجود أبلغ الغيبات كلها و ذلك أن
الملائكة ما شهدوا[1] قبل ذلك
خليفة قط و أما نحن فقد شاهدنا خلفاء كثيرين غير واحد قد نطق به القرآن و تواترت
به الأخبار حتى صارت كالمشاهدة و الملائكة لم يشهدوا[2] واحدا منهم فكانت تلك الغيبة أبلغ و
آخر أنها كانت غيبة من الله عز و جل و هذه الغيبة التي للإمام ع هي من قبل أعداء
الله تعالى فإذا كان في الغيبة التي هي من الله عز و جل عبادة لملائكته فما الظن
بالغيبة التي هي من أعداء الله و في غيبة الإمام ع عبادة مخلصة[3] لم تكن في تلك الغيبة و ذلك أن الإمام
الغائب ع مقموع مقهور مزاحم في حقه قد غلب قهرا و جرى على شيعته قسرا من أعداء
الله ما جرى من سفك الدماء و نهب الأموال و إبطال الأحكام و الجور على الأيتام و
تبديل الصدقات و غير ذلك مما لا خفاء به و من اعتقد موالاته شاركه في أجره و جهاده
و تبرأ من أعدائه و كان له في براءة مواليه من أعدائه أجر و في ولاية أوليائه أجر
يربو على أجر ملائكة الله عز و جل على الإيمان بالإمام المغيب في العدم و إنما
قصَّ الله عز و جل نبأه قبل وجوده توقيرا و تعظيما له ليستعبد له الملائكة و
يتشمروا لطاعته و إنما مثال ذلك تقديم الملك فيما بيننا بكتاب أو رسول إلى أوليائه
أنه قادم عليهم حتى يتهيئوا لاستقباله و ارتياد الهدايا له ما يقطع به و معه عذرهم
في تقصير إن قصروا في خدمته كذلك بدأ الله عز و جل بذكر نبئه إبانة عن جلالته و
رتبته و كذلك قضيته في السلف و الخلف فما قبض خليفة إلا عرف خلقه الخليفة الذي
يتلوه و تصديق