بحوث هذا الكتاب عرض ودراسة لأصول العمل
بالحديث الحاكي للسنّة [١]
، أحد مصادر التشريع الإسلامي الأربعة.
واحتياج
الفقيه الى السنة في استنباط الحكم يفوق احتياجه الى مصادر التشريع الأخرى ،
الكتاب ، والاجماع ، والعقل.
فان آيات التشريع في الكتاب العزيز
معدودة واشتهر انها نحو من خمسمائة آية مع المتكرر منها ، وإلا فهي لا تبلغ ذلك [٢]. أكثرها مطلقات قيّدت بالسنة. وبعضها
مجملات فسّرت بها. فالعمل بجميع تلك الآيات الكريمة ـ مع قلتّها بلحاظ كثرة
الاحكام ـ لا يكون إلا بتوسط السنة.
والاجماع التعبدي التام إنما ثبت في
موارد قليلة ، لاستناد المجمعين غالباً الى دليل آخر ، فاجماعهم مدركي لا حجية له.
والعقل قاصر عن ادراك ملاكات الاحكام
وعللها التامة ، إلا في موارد نادرة لا محيص له من الحكم بها ، كحسن العدل ، وقبح
الظلم.
فلم يبق لدينا إلا السنة التي ضاقت بها
أصول الحديث ومجاميعه ، فانها وافية بما يحتاج اليه الفقيه في فتياه ، وان كثرت في
العبادات ، وقلّت في المعاملات. فيكون البحث عن الحديث وقواعده من اهم الأبحاث عن
مصدر التشريع وأصوله.
ولذا اهتم الفقهاء قديماً بشأن الحديث ،
واجهدوا انفسهم فيه حفظاً وتدويناً ، وتفسيراً ، ويشهد بذلك ما وصل الينا منهم من
كتب وآثار. جروا على نهج السلف الصالح من أصحاب النبي (ص) ، والأئمة من أهل بيته
(ع) ، فان اهتمامهم بالحديث غني عن البيان.
والحديث قد
يتواتر سنداً بحيث يحصل العلم بصدوره عن المعصوم (ع)