اسم الکتاب : الإرشاد المؤلف : الشيخ المفيد الجزء : 2 صفحة : 11
فسارَ حتّى أتى حَمّامَ عُمرَ[١] ، ثمّ أخذَ على دَيرِكَعْبٍ ، فنزلَ سَاباط دون القَنطرةِ وباتَ هناكَ ، فلمّا أصبحَ أرَادَ 7 أن يَمتحِنَ أصحابَه ويَستبرئَ أحوالَهم في الطّاعةِ له ، ليتميّزَ بذلكَ أولياؤه من أعدائه ، ويكونَ على بصيرِة في لقاءِ معاويةَ وأهلِ الشّامِ ، فأمرَ أن يُناديَ في النّاسِ بالصّلاةِ جامعةً ، فاجتمعَوا فصعدَ المنبرَ فخطبَهم فقالَ : «الحمدُ للهِّ بكلِّ ما حَمِدَه حامِدٌ ، وأشهدُ أن لا إِلهَ إِلاّ اللهُ كلَّما شهدَ له شاهدٌ ، وأشهدُ أنّ محمّداً عبدُه ورسولُه ، أرسلَه بالحقِّ وائتمنَه على الوحيِ 9.
أمّا بعدُ : فوَاللهِ إِنِّي لأرجو أن أكونَ قد أصبحتُ ـ بحمدِ اللهِ َومنِّهِ ـ وأنا أنصحُ خلقِ اللهِ لخلقهِ ، وما أصبحتُ محتملاً على مسلم ضغِيْنةً ولا مُريداً له بسوءٍ ولا غَائلةٍ ، ألا واِنَّ ما تَكرهُونَ في الجماعةِ خير لكم ممّا تحبُّونَ في الفُرقةِ ، ألا وَانِّي ناظرٌ لكم خيراً من نَظرِكم لأنفسِكم فلا تُخالِفوا أمري ، ولا تَرُدُّوا عليَّ رأيي ، غفرَ اللهُ لي ولكم وأرشَدَنِي ِوايّاكم لما فيه المحبّةُ والرِّضا» [٢].
قالَ : فنظرَ النّاسُ بعضُهم إِلى بعض وقالوا : ما تَرَوْنَه يرُيدُ بما قالَ؟ قالوا : نَظُنُّه ـ واللهِّ ـ يرُيدُ أن يُصالحَ معاويةَ ُويُسَلِّمَ الأمر إليه ، فقالوا : كفرَ ـ واللهِ ـ الرّجلُ ، ثمّ شدُّوا على فُسْطَاطِه فانتهبوه ، حتّى أخذوا مُصلاّه من تحتهِ ، ثمّ شدَّ عليه عبدُ الرحمن بن عبدِاللّهِ بنِ جِعَالٍ الأزْديّ فنزعَ مِطْرَفَه [٣] عن عَاتِقهِ ، فبقيَ جالساً متقلِّداً السّيفَ بغير