ما وحّده من كيّفه ، ولا حقيقتَهُ أصاب
من مثّله ، ولا إياه عنى من شبّهه ، ولاصمده من أشارإليه وتوهمه ، كل معروف بنفسه
مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول ، فاعل لا باضطراب آلةٍ ، مقدر لابجول فكرة ، غنيْ
لا باستفادة ، لم لا تصحبه الأوقات ، ولا ترفده الأدوات ، سبق الأوقات كونه ، والعدم
وجوده ، والابتداء ازله ، بتشعيره المشاعر عرف ألاّ مشعرله ، وبمضادته بين الاُمور
عرف ألا ضد له ، وبمقارنته بين الأشياء عرف الاّقرين له ، ضاد النور بالظلمة ، والوضوح
بالبهيمة ، والجمود بالبلل ، والحرور بالصرد ، مؤلفبين متعادياتها ، مقارن [٢] بين متبايناتها ، مقرب بين متباعداتها
، مفرق بين متدانياتها ، لا يُشمل [٣]
بحد ، ولايحسب بعد ، وأنما تحد الادوات أنفسها ، وتشير الآلات [٤]إلى نظائرها ، منعتها (منذ) القدمية ، وحمتها
(قد) الأزلية ، وجنبتها (لولا) التكملة ، [ بها ] [٥] تجلى صانعها للعقول ، و [٦] بها امتنع عن نظر العيون ، لايجري عليه
السكون والحركة ، وكيف يجري عليه ما هو أجراه؟ ويعود فيه ما هو ابداه؟ ويحدث فيه
ما هو أحدثه؟ إذاً لتفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ، ولامتنع من إلأزل معناه ، لو كان
له وراء لوجد له امام ، ولا لتمس التمام اذ لزمه النقصان ، وإذاً لقامت آية
المصنوع فيه ، ولتحول دليلاً بعد أن كان مدلولاً [ عليه ] [٧] ، وخرج بسلطان إلامتناع من أن يؤثر [ فيه
ما يؤثر ] [٨]
في غيره ، الذي لايحول [٩]
ولا يزول ، ولا يجوزعليه الافوال ، لم يلدفيكون مولوداً ، ولم يولد فيكون [١٠] محدوداً ، جل عن اتخاذ الأبناء ، وطهرعن
ملامسة النساء.
[١] رواها الشريف الرضي في نهح البلاغة ٢ : ١٤٢ / ١٨١ ، وقال : وتجمع هذه الخطبة من
أصولالعلم مالا تجمعه خطبة غيرها.