اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 49
« فصل في مسائل العدل »
ثبوت ما بيناه من كونه تعالى عالماً
لايصح أن يجهل شيئاً ، غنياً لا يصح أن يحتاج إلى شيء ، يقتضي كونه سبحانه عادلاً
لايخل بواجب في حكمته سبحانه ولا يفعل قبيحاً ، لقبح ذلك وتعذر وقوع القبيح من
العالم به وبالغني [١]
عنه ، وذلك فرع لكونه قادراً على القبيح.
وكونه تعالى قادرا لنفسه ، يقتضي كونه
قادرا على الحسن ، يقتضي كونه قادرا على القييح ، اذ كان الحسن من جنس القبيح ، وذلك
مانع من كونه مريدا للقبيح ، لأناقد بينا أنه لا يكون مريداً إلا بإرادة يفعلها ، وإرادة
القبيح قبيحة ، لأن كل من علم مريداً للقبيح علم قبح إرادته واستحقاقه الذم ، ومقتض
لكونه مريدا لما فعله ـ تعالى ـ وكلَّفه ، لاستحالة فعله مالا غرض فيه ، وتكليفه
مالا يريده ، وكارهاَ للقبيح لكونه غيرمريد له (وفساد حلوما كلفه) [٢] ، واحسانه من الارادة والكرامة ، لأن ذلك
يلحقه بالمباح ، وموجب لكون المكلف قادراً على ما كلفه ـ فعلاً وتركاً ـ من متماثل
الأجناس ومختلفها ومضادها قبل وقوع ذلك ، ومزيح لعلته بالتمكين من ذلك والعلم به
واللطف فيه ، ومقتض لحسن أفعاله وتكاليفه ، لأن خلاف ذلك ينقض كونه عادلاً وقد
أثبتناه.
ولا يعلم كون كل مكلم [٣] قادراً لصحة الفعل منه ، ومتعلقا
بالمتماثل والمختلف والمتضاد ، لصحة وقوع ذلك من كل قادر.
وفاعلاً لوجوب وقوع التأثيرات المتعلقة
به من الكتابة والبناء وغيرهما بحسب أحواله ، ولتوجيه المدح إليه على حسنها والذم
على قبحها ، وثبوت القادر على الفعل قبل وقوعه ، لثبوت حاجة المقدور في حال عدمه
إلى حال القادر ، واستغنائه في حال وجوده عنها كحال بقائه ، ومتمكناً بالايات [٤] من جميع ما يفتقر إليها ، وبكمال العقل
من العلم بذوات الأشياء واحكامها ، وبالنظر من العلوم المكتسبة ، بدليل حصول الأول