اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 37
إن الصادق عليهالسلام أراد الحواس الخمس بغيرعقل لا توصل إلى
معرفة الغائبات ، وان الذي أراه من حدوث الصورة معقول ، بني ألعلم به على محسوس [١] ،
واعلم ـ أيدك اللّه ـ أن الاجسام إذا لم
تخل من ألصورة ـ التي قد ثبت حدثها ـ فهي محدثة مثلها.
دليل آخرعلى حدث العالم : الذي يدلنا
على ذلك ، أنّا نرى أجسامنا لاتخلو من الحوادث المتعاقبة عليها ، ولا يتصورفي
العقل أنها كانت خالية منها ، وهذا يوضح أنها ، محدثه مثلها ، لشهادة العقل بأن
مالم يوجد عارياً من المحدث فإنه يجب أن يكون مثله محدثاً.
وهذه الحوادث هي : الاجتماع والافتراق ،
والحركة والسكون ، والألوان والروائح والطعوم ، ونحو ذلك من صفات الأجسام.
والذي يدل على أنها أشياء غير الجسم ، مانراه
من تعاقبها عليه ، وهو موجود معكل واحد منها.
وهذا يبين أيضاً حدثها ، لأن الضدين
المتعاقبين لايجوزأن يكونا مجتمعين في ألجسم ، ولا يتصور اجتماعهما في العقل ، وإنما
وجد أحدهما وعدم الآخر ، فالذي طرأ ووجد هو المحدث ، لأنه كائن بعد أن لم يكن ، والذي
انعدم أيضاً محدث ، لأنه لو كان غير محدث لم يجز أن ينعدم ، ولأن مثله أيضاً نراه
قد تجدد وحدث.
والذي يشهد بأن الأجسام لم تخل من هذه
الحوادث بَدائه العقول وأوائل العلوم ، إذ كان لايتصور فيها وجود الجسم مع عدم هذه
الاُمور ، ولوجاز أن يخلو الجسم منها فيما مضى ، لجازأن يخلو منها الآن فيما
يستقبل من الزمان.
فالذيَ يدل على أن حكم الجسم كحكمها في
الحدوث ، أن المحدث هو الذي لوجوده أول ، والقديم هو المتقدم على كل محدث وليس
لوجوده أول ، فلو كان الجسم قديما لكان موجوداً قبل الحوادث كلها خالياً منها ، وفيما
قدّمناه من استحالة خلوّه منها دلالة على أنه محدث مثلها ، فالحمد للّه.