responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 35

فصل

« في الدليل على حدث الإنسان وإثبات محدثه »

أقرب ما يستدل به الإنسان على حدثه وإثبات محدثه ، ما يراه من حاله وتغيره الواقع بغير اختياره وقصده ، كالزيادة والنقص المعترضين في جسمه وحسه ، و [ ما ] [١] يتعاقب عليه من صحته وسقمه ، وينتقل إليه من شيبته وهرمه ، وأنه لايدفع فيه من ذلك طارئاً موجودا ولايعيد ماضيها مفقوداً ، لو نقصت منه جارحة لم يقدرعلى التعويض منها ، ولا يستطيع الاستغناء في الادراك بغيرها عنها ، لا يعلم غيب أمره ، ولايتحقق مبلغ عمره ، وقُدَر [٢] متناهية ، وبنية ضعيفة واهية.

فيعلم بذلك أن له مصوراً صوّره ، ومدبرا دبّره لأن التصوير والتدبيرفعلان لم يحدثهما الانسان لنفسه ، ولا كانا بقدرته ، والفعل فلابد له من فاعل ، كما أن الكتابة لاغنى بها عن كاتب.

ثم يعلم ان مصوّره صانعه ومحدثه ، وأن مدبره خالقه وموجده ، لأنه لايصح وجوده إلاّ مصوراً مدبراً.

ثم يعلم أيضاً ان محدثه قادر ، إذ كان لايصح الفعل من عاجز.

ويعلم أنه حكيم عالم ، لأن الأفعال المحكمة لاتقع إلاّ من عالم.

ثم يعلم أنه واحد ، إذ لوكان اثنين لجاز اختلاف مراديهما فيه ، بأن يريد أحدهما أن يميته ، ويريد الاخر أن يحييه ، فيؤدي ذلك إلى وجود المحال ، وكونه ميتاً حيا في حال ، أو إلى انتفاء الحالين وتمانع المرادين ، فيبطل ذلك أيضاً ويستحيل ، وهذا يبيّن أن صانعه واحد ليس باثنين.

ويعلم أنه لايجوز على محدثه النقص والتغيير ، وما هو جائز على المحدثين ، لإنفي جوازذلك عليه مشابهة للمصنوعين ، وهو يقتضي وجود صانع له أحدثه وصوّره ودبّره ، إمّا محدث مثله أو قديم ، وفي استحالة تَنقّل ذلك إلى ما لا يتناهى ، دلالة على أن صانعه قديم.


[١] أثبتناه لضرورة السياق.

[٢] قدٌر : جمع قدرة.

اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست