اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 316
ومن
كلام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام
جاء في الحديث أن الحسن البصري كتب إلى
الحسن عليهالسلام : أما بعد ،
فإنكم ـ معاشر بني هاشم ـ الفلك الجارية في اللجج الغامرة ، مصابيح الدجى ، وأعلام
الهدى ، والعروة الوثقى ، والأئمة القادة ، الذين من تبعهم نجا ، ومن تخلف عنهمهوى
، والسفينة التي بركوبها ينجو المؤمنون ، ويعتصم بها المستمسكون.
أما بعد : فقد كثر ـ يا ابن رسول الله ـ
عندنا الكلام في القضاء والقدر ، واختلافنا في الاستطاعة ، فتعلمنا ما ترى عليه
رأيك ورأي آبائك ، فإنكم ذرية بعضها من بعض ، من علم الله علمتم ، وهو الشاهد
عليكم ، وأنتم الشهداء على الناس ، والسلام.
فأجابه الحسن عليهالسلام : « أما بعد ، فقد انتهى إليَّ كتابك
عند حيرتك وحيرة من زعمت من اُمتنا ، وكيف ترجعون إلينا وأنتم بالقول دون الفعل!
واعلم أنه لولا ما انتهى إليّ من حيرتك وحيرة الاُمة قبلك ، لأمسكت عن الجواب ، ولكني
الناصح ابن الناصح الأمين.
واعلم أن الذي أنا عليه ، أنه من لم
يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر ، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد فجر ، إن
الله سبحانه لا يطاع بإكراه ولا يعصى بغلبة ، ولا أهمل العباد من الملكة ، ولكنه
عز وجل المالك لما ملكهم ، والقادر على ما عليه أقدرهم ، فإن ائتمروا بالمعصية
فشاء سبحانه أن يمن عليهم فيحول بينهم وبينها فعل ، فإنلم يفعل فليس هو الذي حملهم
عليها إجباراً ولا ألزمهم بها إكراهاً ، بل الحجة له عليهم أن عَرَّفهم ، وجعل لهم
السبل إلى فعل ما دعاهم إليه وترك ما نهاهم عنه ، ولله الحجة البالغة على جميع
خلقه ».
وروي أن عبد الملك بن مروان كتب إلى
الحجاج : تكتب إلى علماء أهل البصرة ، يكتبون إليك بما عندهم في القضاء والقدر ، فجاءته
منهم أربعة أجوبة : الجواب الأول من الحسن البصري : ليس عندي في ذلك شيء أبلغ من
قول علي عليهالسلام : « أيأمر
بالعدل ويخالفه! وينهى عن المنكر ويؤالفه! أفلا افْترى عليه من هو بهذا وأصفه!؟ »
الجواب الثاني من واصل بن عطاء : لا أجد
في ذلك كلاماً خيراً ممّا قاله علي بن أبي طالب : « أدلّك على الطريق ، ولزم عليك
المضيق! إن هذا بالحكمة لايليق ».
اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 316