اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 287
ما في الوعاء بشد
الوكاء ، وحفظ ما في يديك أحب إليّ من طلب ما في يد غيرك ، ومرارة اليأس خير من
الطلب إلى الناس ، والحرفة مع العفة خير من الغنى مع الفجور ، والمرءأحفظ لسرّه ، ورب
ساع فيما يضره ، من أكثر أهجر ، ومن تفكر أبصر ، قارِب أهل الخيرتكن منهم ، وباين
أهل الشرِ تبنْ عنهم ، بئس الطعام الحرام ، وظلم الضعيف أفحش الظلم. إذا كان الرفق
خرقاً كَان الخرق رفقاً. وربما كان الدواء داءً والداء دواءً ، وربما نصح غير
الناصح وغش المستنصح.
وإياك والإتكال على المنى ، فإنها بضائع
النوكى [١].
والعقل حفظ التجارب. وخير ما جربت ما وعضك. بادر الفرصة قبل أن تكون غصة. ليس كل
طالب يصيب ، ولا كل غائب يؤوب ، ومن الفساد إضاعة الزاد ومفسدة المعاد ، ولكل أمر
عاقبة ، سوف يأتيك ما قُدّر لك ، التاجر مخاطر ، ورب يسير أنمى من كثير ، لا خير
في معين مهين ، ولا في صديق ظنين. ساهل الدهر ما ذل لك قعوده [٢] ، ولا تخاطر بشيء رجاءَ اكثر منه ، وإياكأن
تجمح بك مطية اللجاج.
احمل نفسك من أخيك عند صرمه على [٣] الصلة ، وعند صدوده على اللطف والمقاربة
، وعند جموده على البذل ، وعند تباعده على الدنو ، وعند شدته على اللين ، وعند جرمه
على العذر ، حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك ، وإياك أن تضع ذلك في غيرموضعه ،
أو أن تفعله بغير أهله. لا تتخذن عدو صديقك صديقاً فتعادي صديقك ، وامحض أخاك
النصيحة حسنة كانت أم قبيحة ، وتجرّع الغيظ ، فإني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة ولا
ألذّ مغبّة ، ولنْ لمن غالظك ، فإنه يوشك أن يلين لك ، وخذ على عدوك بالفضل فإنه
أحلى الظفرين ، وإن أردت قطيعة أخيك ، فاستبق له من نفسك بقيةً يرجع اليها إن بدا
له ذلك يوماً ما ، ومن ظنّ بك خيراً فصدّق ظنه ، ولا تضيعنّ حق أخيك اتكالاً على
ما بينك وبينه ، فإنه ليس لك بأخ من [٤]
أضعت حقه ، ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك ، ولا ترغبنّ فيمن زهد فيك ، ولا يكونن
أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته ، ولا يكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان
، ولا يكبرنّ عليك ظلم من
[١] النوكى : جمع أنوك ، وهو الأحمق « الصحاح ـ نوك ـ ٤ : ١٦١٢ ».
[٢] القَعود من الإبل : البكر حين يمكن ظهره من الركوب. « الصحاح ـ قعد ـ ٢ : ٥٢٥ ».