وروي عن كعب الأحبار أنه قال : أوحى
الله تعالى إلى بعض الأنبياء : إن أردت لقائي غداً في حظيرة القدس ، فكن في الدنيا
غريباً وحيداً محزوناً مستوحشاً ، كالطير الوحداني الذي يطير في الأرض المقفرة ، ويأكل
من رؤوس الأشجار المثمرة ، فإذا كان الليل أوى إلى وكره ـ ولم يكن مع
الطيرـاستئناساً بربه ، واستيحاشاً من الناس.
وقال صلىاللهعليهوآله
: « بدأ الإسلام غريباً ، وسيعود كما بدأ ، فطوبى للغرباء ، فقيل : يا رسول الله ،
من الغرباء؟ فقال : النزاع [٢]
من القبائل ، وأناس صالحون قليل في ناس سوء كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ».
وروى وهب بن منبه قال : أوحى الله
سبحانه إلى داود : يا داود ، من أحبّ حبيباً صدّق قوله ، ومن أنس بحبيب رضي فعله ،
ومن وثق بحبيب اعتمد عليه ، ومن اشتاق إلى حبيب جدّ في السير إليه.
يا داود ، ذكري للذاكرين ، وجنتي
للمطيعين ، وزيارتي للمشتاقين وأنا خاصة للمحبين.
وقال سبحانه : أهل طاعتي في ضيافتي ، وأهل
شكري في زيارتي ، وأهل ذكري في نعمتي ، وأهل معصيتي لا اُؤيسهم من رحمتي ، إن
تابوا فأنا حبيبهم ، وإن دعوا فأنا مجيبهم ، وإن مرضوا فأنا طبيبهم ، اُداويهم
بالمحن والمصائب ، لاُطهّرهم من الذنوب والمعايب.
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : « على كل قلب خاتم من الشيطان ، فإذا
ذكر اسم الله خنس وذاب ، وإذا ترك الذكر التقمه الشيطان فجذبه وأغواه ، فاستزّله واطغاه
».
وقال عيسى عليهالسلام
: تهاونوا بالدنيا تهن عليكم ، وأهينوها تكرم الآخرة إليكم ، ولا تكرّموا الدنيا
فتهون الآخرة عليكم ، فليست الدنيا بأهل كرامة ، في كل يوم تدعو إلى فتنة وخسار ، وما
الدنيا إلا كحلم المنام ، والمرء بين أيقاظ ونيام.
وقال الحسن البصري : أهينوا الدنيا ، فإنها
أهنأ ما تكون لكم أهون ما تهون
[١] أخرجه المجلسي في بحار الأنوار ٩٦ : ٢٥٦ / ٣٧ عن أعلام إلدين.
[٢] النُزاع : جمع نزيع وهو الغريب « الصحاح ـ نزع ـ ٣ : ١٢٨٩ ».
اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 279