اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 157
تأويل
آية
إن سأل سائل عن تأويل قول الله عز وجل :
(وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم
أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون)[١]
فقال : كيف وصف الدم بأنه كذب ، والكذب من صفات الأقوال ، لامن صفات الأجسام؟ وما
معنى قول يعقوب عليهالسلام
: « فصبر جميل » ، وكيف وصفه بذلك؟ ونحن نعلم أن صبره لا يكون إلاّ جميلاً؟
الجواب : قيل له : أما « كذب » فمعناه
في هذا الموضع مكذوب فيه وعليه ، مثل قولهم : هذا ماء سكب ، وشراب صب ، يريدون [٢] مسكوباً ومصبوباً. وقولهم : رجل صوم ، وامرأة
نوح ، والمعنى : صائم ونائحة.
قال الشاعر :
تظل جيادهم نوحاً عليهم
مقلدة أعنتها صفوفاً
أراد نائحة عليهم.
ويقولون : مالفلان معقول ، يريدون
عقلاً.
وقد قال الفراء وغيره : يجوز في النحو :
بدم كذباً ـ بالنصب على المصدر ـ وتقدير الكلام كذبوا كذباً.
(وأما وصف الصبر بأنه جميل ، لأنه قصد
به وجه الله. وقيل : انه أراد صبراًلاشكوى فيه ولا جزاء معه ، وقال أهل العربية : إن
ارتفاع الصبر هاهنا ، فشأني صبرجميلاً) [٣]
وإنما ذكرنا تفسير هذه الآية لأنه ورد في سياقة الكلام [٤].
[٣] ورد في كنز الفوائد بدل مابين القوسين ما لفظه : « وأما وصف الصبر بأنه جميل
فلأن الصبر قد يكون جميلاً وغير جميل ، وإنما يكون جميلاً إذا قصد به وجه الله
تعالى ، فلما كان في هذا الموضع واقعاً على الوجه المحمود صح وصفه بالجميل ، وقد
قيل : أنه أراد صبراً لا شكوى فيه ولا جزع معه ، ولو لم يصفه بذلك لظن مصاحبة
الشكوى والجزع له ، وقد قال أهل العربية : إن ارتفاع الصبر هاهنا إنما هو لأن
المعنى فشأني صبر جميل والذي اعتقده صبر جميل ».