اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 135
وروي أنه لمّا نزل قوله تعالى : (فمن يرد
الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)[١] قالوا : يا
رسول الله ، كيف يشرح الله صدره للإسلام؟ قال عليهالسلام
: « يقذف الله تعالى نوراً في قلبه فينشرح ويستوسع ، فقالوا : وهل لذلك علامة؟
فقال : نعم ، التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والتزود لسكنى
القبور ».
وقال عليه الصلاة والسلام : « إذا أحب الله
تعالى عبداً نكت في قلبه نكتة بيضاء ، وفتح مسامع قلبه ، ووكل به ملكاً يسدده ، وإذا
أبغض عبداً نكت في قلبه نكتة سوداء ، ووكل به شيطانا يغويه ، وعلى ذلك نزل قول
الله تعالى : (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطاناً فهو له
قرين)[٢] ».
وروي : إن الله تعالى إذا أراد بعبد
خيراً ألهمه الطاعة ، وألزمه القناعة ، وفقهه في الدين ، وقواه باليقين ، فاكتفى
بالكفاف ، وتحلى بالقناعة.
وروى أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام ، قال : « خرج أمير المؤمنين عليهالسلام يوماً إلى المسجد ، فإذا قوم من الشيعة
قعود فيه ، فقال : من أنتم؟ فقالوا : نحن شيعتك يا أمير المؤمنين. فقال : فمالي لا
أرى عليكم سيماء الشيعة؟ فقالوا : ما سيماء الشيعة ، يا أمير المؤمنين؟ فقال : عمش
العيون من البكاء ، خمص البطون من الصيام والظمأ ، صفر الوجوه من السهر ، يحسبهم
الجاهل مرضى وما بهم من مرض ، ولكن فرق من الحساب ويومه أمرضهم ، يحسبهم أهل
الغفلة سكارى ، وماهم بسكارى ولكنذكر الموت أسكرهم.
إن شهدوا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم
يفتقدوا ، وإن قالوا لم يُصدّقوا ، وإن سكتوا لم يُسألوا ، وان أساؤا استغفروا ، وإن
أحسنوا لم يفخروا ، وإن ظلموا صبروا ، حتى يكون الله تعالى هو المنتقم لهم ، يجوعون
إذا شبع الناس ، ويسهرون إذا رقد الناس ، ويدعون إذا غفل الناس ، ويبكون إذا ضحك
الناس.
يتمايلون بالليل على أقدامهم مرة وعلى
الأصابع ، تجري دموعهم على خدودهم من خيفة الله وهم أبداً سكوت ، فإذا ذكروا عظمة
الله عز وجل انكسرت قلوبهم وطاشت عقولهم ، اُولئك أصحابي وشيعتي حقاً ، الذين
امتحن الله قلوبهم للتقوى ، لهم