اسم الکتاب : أعلام الدين في صفات المؤمنين المؤلف : الديلمي، حسن بن محمد الجزء : 1 صفحة : 106
واعلموا أنه شافع مشفع ، وشاهد مصدق ، وأنه
من شفع له القران يوم القيامة شفع فيه ، ومن محل [١] به القران يوم القيامة صدق عليه ، وانه
ينادي مناد يوم القيامة : ألا إن كل حارث مبتلىً في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة
القرآن ، فكونوا من حراثه وأتباعه ، واستدلّوه على ربكم ، واستنصحوه على أنفسكم ، واتهموا
عليه آراءكم ، واستغشوا فيه أهواءكم ، العمل (العمل ثم النهاية النهاية ، والإستقامة
الإستقامة ، ثم الصبر الصبر ، والورع الورع) [٢].
إن لكم نهاية فانتهوا إليها ، وإن لكم
علماً فاهتدوا بعلمكم ، وإن للأسلام غاية فانتهوا إلى غايته ، واخرجوا إلى الله
مما افترض عليكم من حقه ، وبين لكم من وظائفه ، أنا شاهد لكم وحجيج يوم القيامة
عنكم ، ألا وإن القدر السابق قد وقع ، والقضاء الماضي قد تورد ، وإني متكلم
بعِدَةِ الله وحجته ، قال الله تعالى : (ان الذين قالوا ربنا
الله ثم استقاموا تتنزل عليهم المَلائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة
التي كنتم توعدون)[٣] وقد قلتم : ربنا
الله ، فاستقيموا على كتابه ، وعلى منهاج أمره ، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته ،
ولا تمرقوا منها ، ولا تبدعوا فيها ، ولاتخالفوا عنها ، فإن أهل المروق منقطع بهم
عند الله يوم القيامة.
ثم إياكم وتهزيع [٤] الاخلاق وتصريفها ، واجعلوا اللسا ن
واحداً ، وليخزن الرجل لسانه ، فإن هذا اللسان جموح المصاحبة ، والله ما أرى أحداً
يتقي تقوىً تنفعه حتى يختزن لسانه ، فإن لسان المؤمن من وراء قلبه ، وإن قلب
المنافق من وراء لسانه ، لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه ، فإن
كان خيراً أبداه ، وإن كان شراً واراه ، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه ، لايدري
ماذا عليه مما له ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فمن استطاع
منكم أن يلقى اللهّ ـ سبحانه ـ وهو نقي الراحة من دم المسلمين وأموالهم ، سليم
اللسان من أعراضهم ، فليفعل.
واعلموا ـ عباد الله ـ أن المؤمن يستحل
العام ما استحل عاماً أول ، ويحرّم
[١] محل به : كاده ، ورفع أمره إلى السلطان « الصحاح ـ محل ـ ٥ : ١٨١٧ » ».
[٢] في الأصل : العمل به الاستقامة الاستقامة ثم الصبر والورع ، وما أثبتناه من
النهج.