فقال : ما لكم لا ترجون لي البقاء ، كما
خفتم عليّ الفناء؟! أما علمتم : ـ يا جهلة ـ أن النفس قد تلتاث على صاحبها ، إذا
لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه ؛ فإذا هي أحرزت معيشتها أطمأنت [١].
فهذا النص يؤكد لنا :
١ ـ أن سلمان لا يريد ولو لمرة واحدة :
أن ينشغل بنفسه وينصرف عن الله سبحانه.
٢ ـ إنه يتعامل مع طموحات نفسه وميولها
، من موقع العارف والواعي ، الذي يفكر بعمق بالداء وبالدواء على حد سواء ، ويكون
علاجه للحالة التي يعاني منها أساسياً وواقعياً ..
٣ ـ يلاحظ : أن المعترضين ـ يشهدون له
بالزهد والعزوف عن الدنيا ، ولكنهم لم يعرفوا سر تعامله ذاك ، فوقعوا بالحيرة.
٤ ـ إنه قد الفتهم إلى خطأهم في طرح
المعادلة التي بنوا عليها نظريتهم تلك وكان تقييمه لتلك المعادلة الفكرية قائماً
على أساس النظرة الواقعية أيضاً ، لا على اساس المظاهر الخادعة ، والشعارات
البراقة.
وهناك اُمور اُخرى يمكن استخلاصها من
النص المذكور ، ولكننا لا نرى ضرورة للتعرض لها في عجالة كهذه .. فنكتفي بهذا
القدر ، ونوفر الفرصة للحديث عن جوانب اُخرى ، في شخصية وحياة هذا الرجل الفذ.
هكذا ينجو المخفون :
عن كتاب المحاسن : وقع حريق في المدائن
؛ فأخذ سلمان مصحفه وسيفه ، وخرج من الدار ، وقال :