اسم الکتاب : صلح الحسن عليه السلام المؤلف : آل ياسين، الشيخ راضي الجزء : 1 صفحة : 264
لتكن
صيغة المعاهدة بما لولوت عليه من عناصر موضوعية لها أهميتها في الناحيتين الدينية
والسياسية ، شاهداً جديداً على ما وفّق له واضع بنودها من سمو النظر في الناحيتين
جميعاً.
ومن الحق ان نعترف للحسن بن علي عليهماالسلام ـ على ضوء ما أثر عنه من تدابير
ودساتير هي خير ما تتوصل اليه اللباقة الدبلوماسية لمثل ظروفه من زمانه وأهل زمانه
ـ بالقابليات السياسية الرائعة التي لو قدّر لها أن تلي الحكم في ظرف غير هذا
الظرف ، وفي شعب أو بلاد رتيبة بحوافزها ودوافعها ، لجاءت بصاحبها على رأس القائمة
من السياسيين المحنكين وحكام المسلمين اللامعين. ولن يكون الحرمان يوماً من الايام
، ولا الفشل في ميدان من الميادين بدوافعه القائمة على طبيعة الزمان ، دليلاً على
ضعف أو منفذاً الى نقد ، ما دامت الشواهد على بعد النظر وقوة التدبير وسموّ الرأي
، كثيرة متضافرة تكبر على الريب وتنبو عن النقاش.
وللقابليات الشخصية مضاؤها الذي لا يعدم
مجال العمل ، مهما حدّ من تيارها الحرمان أو ثنى من عنانها الفشل. وها هي ذي من
لدن هذا الرجل العظيم تستجدّ ـ منذ الآن ـ ميدانها البكر ، القائم على الفكرة
الجديدة القائمة على صيانة حياة أمة بكاملها في حاضرها ومستقبلها ، بما تضعه في
هذه المعاهدة من خطوط ، وبما تستقبل به خصومها من شروط.
وانك لتلمح من بلاغة المعاهدة بموادها
الخمس ، أن واضعها لم يعالج موضوعه جزافاً ، ولم يتناوله تفاريق وأجزاءً ، وانما
وضع الفكرة وحدة متماسكة الاجزاء متناسقة الاتجاهات. وتوفر فيها على تحرّي أقرب
المحتملات الى التنفيذ عملياً ، في سبيل الاحتياط لثبوت حقه الشرعي ، وفي
اسم الکتاب : صلح الحسن عليه السلام المؤلف : آل ياسين، الشيخ راضي الجزء : 1 صفحة : 264