اسم الکتاب : صلح الحسن عليه السلام المؤلف : آل ياسين، الشيخ راضي الجزء : 1 صفحة : 197
وما من غضاضة على ابن رسول الله (ص) اذا
تنزّه عن و ضر المادة ، فترك الدنيا لاهلها ، وأنفرد بسلطان الروح ، ثابت المقام
في عظمته ، مرفوع الاعلام في امامته ، معروف الفضل في أمثولته ، مشكور الشمائل في
جهاده وصبره وتضحياته.
وما لمسلم معنيّ باسلاميته ، ولا لمؤمنٍ
حريص على الصحيح من عقيدته ، أن يشتبه في أمره ، أو يفرط بحقه ، أو يتناسى مكانته
من رسول الله (ص) أو يتجاهل امامته الثابتة بأمر الله ـ تلك الامامة التي لا تقبل
تغييرا ولا انتقالا ، ولاتحتمل ضعفا ولا انخذالا ، ولكنها الغالبة المتصرة رغم
المحاولات المخذولة المناوئة ، تقوى بقوة الله ، وتثبت بثبوت الحق ، وتمتد في
أعناق الاجيال كما تمتد النبوّات في أعناق أممها ، فيها كلّ معاني المجد الحقيقي ،
وفيها الهيبة القادرة ، وفيها الاستخفاف بخيلاء المناوئين.
انها المرحلة الدقيقة من مراحل تاريخ
الاسلام. وهي مرحلة الفصل بين الخلافة الحقيقية والملك [ بين الامامة الدينية
والسلطان ] ، بين السلطة الزمنية والسلطة الروحية.
ولم يكن هذا الفصل ـ على صورته الظاهرة
ـ مما تألفه الذهنية الاسلامية بادىء الرأي ، ولكنه الامر الواقع الذي درج عليه
الاسلام وألفه المسلمون من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون ، منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الا في الفترات القصيرة التي كانت
قطرةً في بحر هذه القرون. وكان الاستسلام لعملية الفصل من قبل أولاياء الامر
الشرعيين ، الوسيلة الاصلاحية التي يجب الاخذ بها عند الخوف على بيضة الاسلام.
ولكي نكون أكثر صراحةً في البحث ، وأوضح
تعبيرا عن الغرض نقول : ان الامام الحسن لم يفعل في موقفه من معاوية ، الا مثل ما
فعله أبوه امير المؤمنين (ع) في موقفه من أبي بكر وصاحبيه. وذلك هو معنى
اسم الکتاب : صلح الحسن عليه السلام المؤلف : آل ياسين، الشيخ راضي الجزء : 1 صفحة : 197