اسم الکتاب : الرّفق في المنظور الإسلامي المؤلف : الخزاعي، أبو زلفى الجزء : 1 صفحة : 5
بسم
الله الرحمن الرحيم
مقدمة المركز
الحمدُ
لله ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، نبينا محمد المصطفى وعلى آله الطيّبين الطاهرين.
وبعد
، إنّ من مهام الدين التي لا تنفصل عنه : تنظيم أنشطة الغرائز الفردية ،
وتنظيم العلاقات الاجتماعية ، وأنشطة الغرائز لوحدها ذات بعدين: فردي تنعكس
آثاره على الفرد ذاته ، واجتماعي تمتد آثاره إلى المجتمع لتظهر في
طبيعة علاقاته وفي صورته النهائية بالضرورة .. وهذا النظام المعني بتنظيم
ذلك كلّه هو النظام الاخلاقي ، ببعديه ؛ الفردي والاجتماعي.
وهو
من النظم التي تميّزت بها الاديان عن النظريات الوضعية ، حتى عادت هذه
الأخيرة تستعير من الاديان بعض جوانب نظم الاخلاق التي لا تستقيم الحياة
بدونها.
إنّ
تركيز الإسلام على ثنائية الانسان ـ الروح والمادة ـ هو تجلية لواقع
الانسان ولضرورات الحياة معاً ، وكما أخفق الماديون في تعطيل حاجات الروح ،
أخفق
الرهبانيون في تعطيل الحاجات الجسدية والمادية ، ودفع الاثنان ضريبة ذلك في
فقدان التوازن ،
توازن حاجات الفرد وحاجات المجتمع ، وكما اضطر الفريق الاول الى اقتباس بعض
تعاليم الايان في اشباع حاجات الروح ، اضطر الفريق الثاني ولو متنكراً إلى
اشباع
حاجات الجسد ، خضوعاً اضطرارياً إلى صرامة القانون الذي تفرضه الطبيعة
البشرية
الثنائية ، والذي لا يمكن ضمان استقرار الانسان وتكامله من خلال التمرّد
عليه ، ذلك القانون
الذي نلمس أكمل مصاديق صيانته في تعاليم الإسلام الحنيف ، فهو في الوقت
الذي يحث فيه على اشباع حاجات الروح بالعبادات من فرائض ونوافل ، صلوات
واذكار وصيام وحج
وزكاة وعطاء ، نراه يحث بالقوة نفسها على اشباع حاجات الجسد.
نعم
إن النظام الاخلاقي في بعديه ـ الفردي والاجتماعي ـ هو رسالة الاديان
السماوية كافة ، ذلك أن مصدر هذه الاديان كلها واحد ، وهو الواحد ذاته
المتفرّد بخلق الطبيعة البشرية والعالِم بسرّها وبما يصلحها ويقودها إلى
الكمال
والتألّق ،
اسم الکتاب : الرّفق في المنظور الإسلامي المؤلف : الخزاعي، أبو زلفى الجزء : 1 صفحة : 5