اسم الکتاب : الرّفق في المنظور الإسلامي المؤلف : الخزاعي، أبو زلفى الجزء : 1 صفحة : 18
وبعد .. فالقرآن الكريم أراد لنا عبور
كل ذلك مع المؤمنين إلى بلوغ صفة التذلل لهم (أَذِلَّةٍ
عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)[١] ،
ومن هنا يعلم أن خفض الجناح يستلزم تلك الصفة الراقية التي يستشعر المؤمن
من خلالها كرامته ، وتقوى بذلك شخصيته ، ولا ريب أنّه لا يغفل المؤمن سر
التذلل له ، ويدرك جيداً أنّه وليد التزام الطرف الآخر برسالته لا خوفاً
ولا طمعاً ، وعندها سيندفع الطرف الآخر إلى نفس المبادرة ، فتتم المعادلة ،
ويتحقق التوازن في بناء شخصية المؤمن الرسالي على أتم وجه.
لكنّ ذلك إنّما هو وقف على المؤمنين
المخلصين والطيبين المتواضعين ، فالتواضع لهؤلاء إنّما هو تواضع لله ، وعلى
العكس من ذلك يكون الموقف إزاء الخونة والمفسدين والمنافقين والمتكبّرين ،
فالتكبّر عليهم عبادة ، بل جهاد في سبيل الله [٢].
الآية الثالثة : ( عباد
الرحمن )
(وَعِبَادُ
الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأرض هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ
الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا)[٣]
الرحمن ربنا سبحانه يعرّف عباده بجملة من الآيات المباركات في نهاية سورة
الفرقان ، ويبتدىء ذلك بهاتين الصفتين المذكورتين في الآية المتقدمة.
الصفة الأولى :
هي السير على الأرض هوناً أي بسكينة ووقار ،