لقد خلق الانسان هلوعاً ، يحرص على
سلامته مهما كلّف الأمر ، و يبخل بماله مهما قلّ أو كثر ، وتهزمه أصغر صعوبة ،
ويخيفه أقلّ شين وليس له صبر ولا تصبّر على مكاره الدهر ، حتى ولو كان يضّره في
دينه أو دنياه ، وهذا ديدنه من قديم الزمان ، يمتنع عن الخير ، ويجزع من الشرّ ،
فما صلح من هذا النوع الاّ القليل ، اولئك الذين هداهم الله تعالى فاهتدوا ، وهدوا
الى صراط السويّ ، والباقون لا يعبئون بقول ولا فعل ، ها هو القرآن الكريم يحدثنا
عن بعضهم ، وهم الذين طلبوا من نبيّ لهم أن يبعث لهم ملكا يقاتلون معه في سبيل
الله تعالى محتجين بطردهم عن ديارهم ، وابنائهم ، ولكن لمّا حصص الحق و حان وقت
العمل تولّوا الاّ قليلا منهم ، فهربوا بعد الطلب.
١ ـ ألم تر الى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى
اذ قالوا النبّي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ، وقد أخرجنا من ديارنا
وأبنائنا ، فلما كتب عليهم القتال تولّوا الاّ قليلا منهم ، والله عليم بالظالمين
... ( البقرة ـ ٢٤٦ ).