اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 65
صالحاً يقول :
ألا هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه الآخر : بل يئسوا فانقلبوا[1] .
إنّ هذا الخبر لو صحّ فهو على نقيض المطلوب أدلّ ، فهو يدلّ على جواز نصب المظلّة على القبر ، ولو كان ذلك حراماً لما صدر من امرأة الحسن بن الحسن ـ عليهما السلام ـ ; لأنّه كان بمرأى ومسمع من التابعين وفقهاء المدينة ، ولعلّها نصبت تلك القبّة لأجل تلاوة القرآن في جوار زوجها وإهداء ثوابها إلى روحه .
وأمّا قول الصالح فهو قول غير صالح ، كما أنّ الجواب أيضاً مثله ، لأنّه بصدد الشماتة; بامرأة افتقدت زوجها وهي مستحقّة للتعزية والتسلية لا الشماتة ، لأنّها ليست من أخلاق المسلمين ، ولم تكن المرأة تأمل عودة زوجها إلى الحياة حتّى يقال : إنّها يئست ، بل كان نصبها للمظلّة للغايات الدينية والأخلاقية ، والشامت والمجيب كانا من أعداء أهل البيت ، والعجب أنّ البخاري ينقله ولا يعلّق عليه شيئاً!
ترى هؤلاء الأغبياء يدمّرون آثار الرسالة وهم يتمسّكون في ذلك بركام من الأوهام ، ويسخرون من الذين أظهروا حبّاً لأهل بيت رسول الله الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وفرض مودّتهم وولاءهم وقال : (قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)[2] .
إلى هنا تبيّن أنّه ليس للقوم دليل ، بل ولا شبهة على حرمة البناء على القبور ، وإنّهم لم يدرسوا صحاحهم ومسانيدهم حسبما درسها السلف الصالح .
[1] صحيح البخاري 2 : 111 كتاب الجنائز; السنن للنسائي 2 : 171 كتاب الجنائز . [2] الشورى : 23 .
اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 65