اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 62
بالله عليك ، أيصحّ الاستدلال بهذا الحديث؟ أفهل يصحّ هدم آثار النبوّة والرسالة والصحابة بهذه الرواية؟
على أنّ بعض الأسانيد مشتمل على عبد الرحمن بن أسود المتّهم بالكذب والوضع .
هذا كلّه ما يتعلّق بالسند .
وأمّا الثاني : أي المتن ، ففيه ملاحظتان :
الأُولى : أنّ الحديث روي بصور ستّ ، مع أنّ النبيّ نطق بصورة واحدة ، ولو رجعت إلى متونه المبعثرة في المصادر الّتي أوعزنا إليها ترى فيها الاضطراب العجيب ، وإليك صورها :
1 ـ نهى رسول الله عن تجصيص القبر والاعتماد عليه .
2 ـ نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن الكتابة على القبر .
3 ـ نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن تجصيص القبر ، والكتابة والبناء عليه ، والمشي عليه .
4 ـ نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن الجلوس على القبر ، وتجصيصه ، والبناء والكتابة عليه.
5 ـ نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن الجلوس على القبر وتجصيصه والبناء عليه .
6 ـ نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن الجلوس على القبر وتجصيصه والبناء عليه ، والزيارة والكتابة عليه[1] .
مضافاً إلى اختلافات أُخرى في أداء مقصود واحد ، فيعبّر عنه تارةً بالاعتماد ، وأُخرى بالوطء ، وثالثة بالقعود .
ومن المعلوم أنّ الاعتماد غير الوطء ، وهما غير القعود ، فمع هذا الاضطراب والاختلاف في المضمون لا يمكن لأيّ فقيه أن يعتمد عليه؟!
الثانية : أنّ الحديث على فرض صحّته لا يُثبت سوى ورود النهي من النبيّ ، ولكن النهي منه تحريمي ومنه تنزيهي . وبعبارة أُخرى : نهي تحريم ، ونهي كراهة . وقد استعمل النهي في كلمات الرسول في القسم الثاني كثيراً ، ولأجل ذلك حمله الفقهاء على الكراهة ، فترى الترمذي يذكر هذا
[1] لاحظ في الوقوف على المتون المختلفة للحديث المصادر الّتي أوعزنا إليها .
اسم الکتاب : صيانة الآثار الإسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 62