اسم الکتاب : الشفاعة في الكتاب والسنّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 3
قالت: فما تركنا أحداً إلاّ جمعناه ، فنظر إليهم ثم قال: «إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة»[1] .
فليس للمسلم أن يعول على شيء إذا أهمل الواجبات وترك الفرائض ، أو استهان بها .
نعم ، خلق الإنسان ضعيفاً ـ بحكم جبلته ـ محاصَراً بالشهوات ، محاطاً بالغرائز ، ولذلك ربما سها ولها ، وربّما بدرتْ منه معصية ، واستحوذ عليه الشيطان ، ووقع في شباكه وشراكه ، فعصى من حيث لا يريد ، وخالف من حيث لا يجب ، ثم تعرّض لضغط الوجدان ، ووخْزِ الضمير ، فهل له أن ييأس في هذه الحالة ويقنط ، وقد قال ربّ العزّة: ( لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ )[2]
كلاّ ليس له إلاّ الرجاء في رحمة الله ، والأمل في عفوه ولطفه ، وقد فتح الإسلام نوافذ الأمل والرجاء أمام العاصي النادم ، ليعود إلى ربه ، ويواصل مسيرة تكامله في ثقة وطمأنينة .
ومن هذه النوافذ: التوبة والإنابة والاستغفار ، ومنها: الشفاعة للمذنبين ، الشفاعة التي تنالهم وفق معايير وردت في الكتاب والسنّة ، الشفاعة التي يبعث الأمل فيها بصيصاً من الرجاء في نفوس العصاة ، ويمنع من قنوطهم ويأسهم ، ويبعث فيهم روح العمل والنشاط .
وهذا لا يعني تمهيد الطريق للعصاة ، لما للشفاعة من شروط وقيود ، بل هي عملية زرع الأمل ، والرجاء في النفوس ، مادام الأصل هو العمل