responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سيرة الأئمة عليهم السَّلام المؤلف : البيشوائي، مهدي    الجزء : 1  صفحة : 403

الحزن من ذلك وأمر ـ و لتدارك ما فاته ـ بتوزيع عدة ملايين من الدراهم بين الفقراء تصدّقاً عليهم مع أنّ هذا المال ليس من ماله الخاص، بل من أموال المسلمين، ذلك المال الذي كان عليه أن يوزعه على المسلمين بشكل عادل ولا يسوغ عنونة عمله هذا بعنوان التصدّق أو هبات الخليفة.

وعلى أية حال وصل نبأ ذلك إلى أبي يوسف ـ الذي كانت فلسفة وجوده تتبلور في جهاز هارون في هذه الموارد ـ فأعدّ خطة رائعة لتبرير عمل الخليفة هذا، وحضر لديه وسأل عن سبب حزنه وبكائه، فذكر هارون أمره.

فقال أبو يوسف: هل كان ما تذبحونه من الجزور يفسد أو يأكله الناس؟ فأجاب جعفر ـ و يبدو انّه عرف ما يرمي إليه أبو يوسف ـ : بل يأكله الناس.

فقال أبو يوسف مسروراً: أبشر يا أمير المؤمنين بثواب اللّه فيما صرفته من المال الذي أكله المسلمون في الأيام الماضية، وبما يسرّه اللّه عليك من الصدقة.[1]

نعم انّ لحم الجزور التي تنحر كل يوم لمائدة الخليفة كانت تقدم أحياناً ـ و قبل فسادها و تقديمها إلى كلاب بغداد ـ إلى بعض الجياع وتكون صدقة في منطق أبي يوسف، ويكون ما قام به هارون من الأعمال الخيرية لا إسرافاً وعبثاً بأموال المسلمين وتفريغاً لخزانة بيت المال تحت عنوان الصدقة.

وممّا تقدّم من الحقائق يتضح جيّداً مدى صعوبة عمل الإمام موسى بن جعفر عليمها السَّلام ، لأنّه كان يواجه خليفة مخادعاً مثل هارون الذي يتستر بمجموعة كبيرة من المظاهر المخادعة والحيل والرياء ويقدم نفسه بصفته خليفة عادلاً ورعاً.

ولكي يمزّق الإمام السابع هذا الستار المزركش بالحيل والمظاهر الخادعة ويكشف ماهية الخليفة الخبيثة كان يجب عليه أن يبذل قصارى جهده في إجلاء حقيقته، وفي الواقع لولا شخصية الإمام الممتازة والعظمة التي يتمتع بها لما كان يمكن التسليم بنجاح مثل هذا النضال.


[1]البداية و النهاية: 10/ 216.

اسم الکتاب : سيرة الأئمة عليهم السَّلام المؤلف : البيشوائي، مهدي    الجزء : 1  صفحة : 403
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست