اسم الکتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 97
وازدهرت تلك المدرسة في عصر الإمامين الباقر والصادق_ عليهما السلام _ وزخرت بطلاّب العلوم ووفود الأقطار الإسلامية ، فكان بيتهما جامعة إسلامية يزدحم فيها رجال العلم وحملة الحديث ، يأتون إليها من كلّ فجّ عميق .
2 ـ الكوفة وجامعها الكبير :
قد سبق أنّ الإمام أمير المؤمنين هاجر من المدينة إلى الكوفة واستوطن معه خيار شيعته ومن تربّى على يديه من الصحابة والتابعين .
ولقد أتى ابن سعد في طبقاته الكبرى على ذكر جماعة من التابعين الذين سكنوا الكوفة[1] وكان قد أعان على ازدهار مدرسة الكوفة مغادرة الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ المدينة المنوّرة إلى الكوفة أيّام أبي العباس السفاح حيث بقي فيها مدّة سنتين .
وقد اغتنم الإمام فرصة ذهبية أوجدتها الظروف السياسية آنذاك ، وهي أنّ الحكومة العباسية كانت جديدة العهد بعد سقوط الدولة الأُموية ولم يكن للعباسيين يومذاك قدرة على الوقوف في وجه الإمام لانشغالهم بأُمور الدولة ، بالإضافة إلى أنّهم كانوا قد رفعوا شعار العلويين للوصول إلى السلطة ، فلم يكن من مصلحتهم في تلك الفترة الوقوف في وجه الإمام_ عليه السلام _ ، فعمد في زمن وجوده_ عليه السلام _إلى نشر علوم جمّة ، وتخرّج على يديه الكثير من الطلبة النابغين .
هذا الحسن بن على بن زياد الوشّاء يحكي لنا ازدهار مدرسة الكوفة في تلك الظروف كما ينقله عنه النجاشي :
أدركت في هذا المسجد ـ يعني مسجد الكوفة ـ تسعمائة شيخ كلّ يقول : حدّثني جعفر بن محمّد . ويضيف النجاشي : كان هذا الشيخ عيناً من عيون هذه