اسم الکتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 86
الشيعة في مصر :
دخل التشيّع مصر في اليوم الذي دخل فيه الإسلام ، ولقد شهد جماعة من شيعة عليّ_ عليه السلام _ فتح مصر ، منهم : المقداد بن الأسود الكندي ، وأبو ذر الغفاري ، وأبورافع ، وأبو أيوب الأنصاري ، وزارها عمّار بن ياسر في خلافة عثمان[1] . وهؤلاء ما كانوا يبطنون فكرة التشيّع التي كانوا يؤمنون بها منذ عهد رسول الله_ صلى الله عليه وآله وسلم _ .
ولأجل ذلك حين قتل عثمان ، بإجهاز المصريين عليه ، بايعوا عليّاً كما بايع أهلها طوعاً ورغبة .
لمّا بعث عليّ_ عليه السلام _ قيس بن سعد أميراً على مصر بايع أهلها طوعاً ، إلاّ قرية يقال لها خربتاء[2] .
كان هذا نواة لمذهب التشيّع في تلك البلاد ، وإن تغلّب عليها الأمويون بعد ذلك حين قَتلَ عمرو بن العاص ومعاوية بن حديج ـ اللذين أرسلهما معاوية بن أبي سفيان إلى مصر ـ والي عليّ_ عليه السلام _ على مصر محمّد بن أبي بكر بشكل بشع ، ثمّ جعلوا جثّته في جيفة حمار وأحرقوها بالنار ، وهو أُسلوب يدلّ على انحراف كبير عن الدين ، وانسلاخ عن أبسط معاني الإنسانية ، ولكن للحقّ دولة وللباطل جولة ، فهذه الأعمال الإجرامية وما ارتكبه العباسيون من الجرائم صارت سبباً لابتعاد الناس عن السلطات المتعاقبة الظالمة وتعاطفهم مع العلويين واحتضانهم لهم ، ويظهر ذلك بوضوح عند قيام الدولة الفاطمية الشيعية هناك والتفاف المسلمين حولها ، والتي كان لها الدور الأكبر في انتشار التشيّع واعتناق المسلمين له في شمال أفريقيا ، حيث امتدّ نفوذها وسلطانها إلى الجزائر والمغرب وتونس وليبيا ،
[1] الخطط المقريزية 2 : 74 .
[2] المصدر نفسه 4 : 149 ; الجزري ، الكامل 3 : 61 حوادث عام (36) .
اسم الکتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 86