اسم الکتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 84
أو إهانة أو قسوة ، وطبع الحال يقتضي أن يبوح بما انطوت عليه جوانحه من الولاء لعليّ وأهل بيته ، يدعو له على القدر المستطاع ، فنمت بذرة التشيّع في ظلّ التستّر والتقيّة ، وأمّا اليوم فالشيعة مجاهرون ولهم شأن عند الدولة ، ولهم مظاهر في الشام وضواحيه ، ترى اسم عليّ والحسين مكتوبين تحت قبّة المسجد الأُموي ، وفي الجانب الشرقي مسجد خاصّ باسم رأس الحسين ، وفي نفس البلد قباب مشيّدة لأهل البيت ، أمثال زينب بنت عليّ_ عليهما السلام _ و رقيّة بنت الحسين_ عليهما السلام _ في الوقت نفسه لا تجد أثراً لمعاوية[1] ويزيد والحكّام الأُمويين . إنّ في ذلك لعبرة لأُولي الألباب .
قويت شوكة التشيّع في سورية بعد قيام دولة الحمدانيين في الشام والجزيرة ، وكان لسيف الدولة أياد بيضاء في رفع منارة التشيّع ، كيف وأبو فراس صاحب القصيدة الميمية هو ابن عمّه الذي يقول :
الحقّ مهتضم والدين مخترمُ * وفَيءُ آل رسول الله مقتسمُ
وأمّا جبل عامل فقد انتشر فيه التشيّع منذ دخل إلى الشام ووجد في تلك البقاع مرتعاً خصباً ونفوساً متلهّفة ، فتعلّق به أهله تعلّقاً شديداً حتّى لقد برز منهم العديد من العلماء الكبار طبقوا البلاد شهرة وصيتاً أخصّ منهم بالذكر :
1 ـ محمّد بن مكّي المعروف بالشهيد الأوّل (734 ـ 786هـ ) وكان إماماً في الفقه ، ولكنّه صلب بيد الجور ، ثمّ رجم ، ثمّ أُحرق ، بذنب أنّه شيعي موال لأهل البيت ولا يفتي بفتوى أئمّة المذاهب الأربعة .
وله كتب فقهية أشهرها كتاب اللمعة الدمشقية ، ألّفه في السجن خلال
[1] نعم في داخل البلد بيت يقال فيه قبر معاوية لا يزوره أحد إلاّ للعبرة والاطّلاع على ما آلت إليه أعمالهم من مصير بائس بعد مماتهم .
اسم الکتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 84