والطابع السائد على هذه الكتب هو دراسة بعض المسائل الأُصولية ، كحجّية خبر الواحد ، أو حلّ مشكلة اختلاف الحديثين ، أو نقد بعض الأساليب الرائجة في تلك الأجيال في استنباط الأحكام ، كالقياس وغيره ، ولا يصح عدّها كتباً أُصولية بالمعنى المصطلح .
نعم; يمكن عدّها مرحلة أُولى ونواة بالنسبة إلى المرحلة الثانية .
وأمّا المرحلة الثانية فقد امتازت بالسعة والشمول ، بإدخال كثير من المسائل الأدبية والكلامية في علم أُصول الفقه ، وأوّل من فتح هذا الباب للشيعة على مصراعيه :
1 ـ معلم الأُمّة الشيخ المفيد (336ـ413هـ ) ألّـف رسـالة في هذا المضمار وأدرجها تلميذه العلاّمة الكراجكي في كتابه كنز الفوائد[2] .
وألّف بعده تلميذه الجليل علم الهدى المعروف بالسيّد المرتضى كتابه القيّم «الذريعة إلى أُصول الشريعة» ، والذي طبع في جزأين ، وقد رأيت منه نسخة مخطوطة في مدينة قزوين كتب فيها : إنّ تاريخ فراغ المؤلّف منه عام (400هـ ) .
2 ـ الشيخ الطوسي : (385ـ460هـ ) ألّف كتاب عدّة الأُصول والذي يحتلّ مكانة رفيعة في هذا الميدان ، حتّى أنّه أُعيد طبعه لمرات متكرّرة .
وهكذا يمكن القول بأنّ هذه الكتب كوّنت اللبنة الأساسية التي توسعت بواسطتها وانتشرت آراء الشيعة في علم الأُصول .
وأمّا في المرحلة الثالثة من مراحل تطوّر علم الأُصول لدى الشيعة فقد شهدت بزوغ جملة واسعة من كبار العلماء توسّعوا بشكل كبير في تثبيت وشرح
[1] المصدر نفسه 2 : 304 / 1048 .
[2] كنز الفوائد 2 : 15 ـ 30 ، ط بيروت .
اسم الکتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 43