responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 29

8 ـ قدماء الشيعة وعلم الحديث

إنّ السنّة هي المصدر الثاني للثقافة الاِسلامية بجميع مجالاتها، ولم يكن شيء أوجب بعد كتابة القرآن وتدوينه وصيانته من نقص أو زيادة، من كتابة حديث الرسول _ صلى الله عليه وآعله وسلم _ وتدوينه وصيانته من الدسّ والدجل، وقد أمر به الرسول الاَكرم _ صلى الله عليه وآعله وسلم _ غير مرّة، فقد روى الاِمام أحمد عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جدّه أنّه قال للنبيّ _ صلى الله عليه وآعله وسلم _: يا رسول الله أكتب كلّ ما أسمع منك؟ قال: «نعم». قلت: في الرضا والسخط؟ قال _ صلى الله عليه وآعله وسلم _: «نعم، فإنّه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلاّ حقّاً»[1].

إنّ الله سبحانه أمر بكتابة الدَّين حفظاً له، واحتياطاً عليه، وإشفاقاً من دخول الريب فيه، فالعلم الذي حفظه أصعب من حفظ الدَّين أحرى بأن يكتب ويحفظ من دخول الريب والشكّ فيه[2].

فإذا كان النبيّ _ صلى الله عليه وآعله وسلم _ لا ينطق عن الهوى وإنّما ينطق عن الوحي الذي يوحى إليه[3]ُـ فيجب حفظ أقواله وأفعاله أُسوة بكتاب الله المجيد، حتّى لا يبقى المسلم في حيرة من أمره، ويستغني عن المقاييس الظنّية والاستنباطات الذوقية.

وبالرغم من وضوح الاَمر و أهميته القصوى إلاّ أنّ الخلافة الاِسلامية باجتهاداتها حالت دون ذلك، بل وحاسبت عليه حتّى أنّ الخليفة الثاني عمر بن الخطّاب قال لاَبي ذر وعبد الله بن مسعود وأبي الدرداء: « ما هذا الحديث الذي تفشون عن محمّد؟»[4].

ولقد أضحى عمل الخليفة سنّة فاتّبعه عثمان ومشى على خطاه معاوية،


[1] مسند أحمد 2: 207.

[2] الخطيب البغدادي، تقييد العلم: 70.

[3] اقتباس من قوله سبحانه: صما ضَلَّ صاحبُكُم وما غوى * وما ينطقُ عن الهوى * إنْ هو إلاّ وحيٌ يُوحىش، النجم: 2ـ4. [4] كنز العمال 10: 293 | 29479. وفيه: ما هذه الاَحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله في الآفاق.

اسم الکتاب : دور الشــيعــة في بناء الحضارة الاِسلاميّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست