اسم الکتاب : ابن تيمية فكراً ومنهجاً المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 27
الذين كفروا من قبل، قال سبحانه: ((وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسيحُ ابنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِئُونَ قَوْلَ الَّذينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أنّى يُؤْفَكُونَ)).[1]
دور الأحبار والرهبان في نشر فكرة التجسيم بين المحدثين
بُعث النبي الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم) على تنزيهه سبحانه ورفع مقامه تعالى عن مشابهة المخلوقات، نستلهم ذلك من قوله سبحانه: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ))غير أنّ قسماً من الأحبار والرهبان الذين أسلموا ظاهراً ـ ولكن بقوا على ما كانوا عليه من الديانة الموسوية أو العيسوية باطناً ـ أشاعوا بين المسلمين نفس الفكرة بواسطة الأحاديث والقصص التي كانوا يحكونها عن كتبهم، فأخذها السُّذّج من المحدّثين كحقائق صادقة واقعية، محتجّين بما نسب إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)من قوله: «حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».
وقد اغترّ بهذه الإسرائيليات أو المسيحيات محدّثان معروفان هما: ابن خزيمة وابن مندة، فقد حشدا في كتابيهما كلّ ما يدلّ على تلك الفكرة الموروثة.
فعن الأوّل يقول الرازي في تفسيره الكبير عند تفسير قوله سبحانه: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)): احتجّ علماء التوحيد قديماً وحديثاً بهذه الآية في نفي كونه تعالى جسماً مركباً من الأعضاء والأجزاء، وحاصلاً في المكان والجهة، وقالوا: لو كان جسماً لكان مثلاً لسائر الأجسام فيلزم وجود الأمثال والأشباه