اسم الکتاب : الزيارة في الكتاب والسنّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 87
وعلى أيّ حال فقد تحقّق الاِجماع على جوازه وتسويغه واستحبابه قبل أن يولد باذر هذه الشكوك، فلماذا لم يكن هذا الاِجماع حجّة؟ مع أنّ اتّفاق الاَُمّة بنفسه أحد الاَدلّة، وكانت السيرة على تبجيل مولد النبيّ إلى أن جاء ابن تيمية، وعبد العزيز ابن عبد السلام [ 1 ]، والشاطبي فناقشوا فيه ووصفوه بالبدعة، مع أنّ الاِجماع انعقد قبل هؤلاء بقرنين أو قرون، أو ليس انعقاد الاِجماع في عصر من العصور حجّة بنفسه؟
قال محمد حامد الفقي: «والمواليد والذكريات التي ملاَت البلاد باسم الاَولياء
هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم»[ 2 ].
يلاحظ عليه: أنّ العنصر المقوّم لصدق العبادة على العمل هو الاعتقاد بإلوهية
المعظّم له أو ربوبيّته، أو كونه مالكاً لمصير المعظِّم المحتفل، وأنّ بيده عاجله وآجله،
ومنافعه ومضارّه، ولا أقل بيده مفاتيح المغفرة والشفاعة.
وأمّا إذا خلا التعظيم عن هذه العناصر، واحتفل بذكرى رجل ضحّى بنفسه
ونفيسه في طريق هداية المحتفلين، فلا يعدّ ذلك عبادة له، وإن أُقيمت له عشرات
الاحتفالات، وأُلقيت فيها القصائد والخطب.
[1] هو عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي (577 ـ 660 هـ) فقيه شافعي، له من الكتب
«التفسيرالكبير» و «مسائلالطريقة» وغيرها (أعلامالزركلي 4:21 ط دار العلم للملايين، بيروت). [2] محمد حامد الفقي في تعليقه على فتح المجيد : ص154.
اسم الکتاب : الزيارة في الكتاب والسنّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 87