responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الزيارة في الكتاب والسنّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 50

وهذه الاَُمور الّتي كتب الله لهم بها أجراً، وسيلة للجهاد، ومقدمة للقتال، وهذا يكشف عن التلازم بين الاستحبابين، أو الثوابين.

نعم، ذهب بعض الاَُصوليين إلى عدم الملازمة، ولكنّهم متّفقون على لزوم كون المقدمة مباحة لا محرّمة؛ لاستلزامه التناقض في التشريع؛ حيث لا يعقل البعث إلى أمر، مع المنع عمّا يوصل المكلّف إليه، وعلى كلّ تقدير لا يصحّ تحريم السفر مع افتراض كون الزيارة أمراً راجحاً، وفعلاً مستحبّاً، فلا محيص عن القول باستحبابه، أو إباحته. ولا تجتمع حرمة المقدمة مع استحباب ذيها.

نعم، هنا فرق بين زيارة قبر النبيّ، وزيارة قبور المسلمين؛ فإنّ الاَوّل مستحبّ بالخصوص، بخلاف الآخرين؛ فإنّها مسنونة على وجه العموم؛ فلو زار إنسان قبر أبيه أو أخيه، فإنّما يزورهما بما أنّ زيارتهما داخلة تحت عموم قوله _ صلى الله عليه وآله وسلم _: «فزوروا القبور؛ فإنّ زيارتها تذكّركم الآخرة»، وهذا بخلاف زيارة الرسول، فإنّها ـ مضافاً إلى أنّها داخلة تحت العموم ـ مستحبّة في نفسها.

وقد جرت سيرة المسلمين من عصر الصحابة إلى يومنا هذا على شدِّ الرحال إلى زيارة النبيّ الاَكرم وعدّوا زيارتها قربة، والسفر إليها مثلها، ولم ينكر أحد قربيّة الزيارة ولا جواز السفر إلاّ ابن تيمية في أوائل القرن الثامن لشبهة طرأت له، وسنتعرض لها في فصل مستقل.

ولاَجل إيقاف القارىَ على اتصال السيرة إلى عصر الصحابة نذكر بعض مايدلّ عليه:

1 ـ روى ابن عساكر بإسناده عن أبي الدرداء قال: لمّا فرغ عمر بن الخطاب2 عن فتح بيت المقدس فصار إلى الجابية سأله بلال أن يقرَّه بالشام ففعل ذلك ـ إلى أن قال ـ: ثم إنّ بلالاً رأى في منامه رسول الله وهو يقول: ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني يا بلال، فانتبه حزيناً وجلاً خائفاً، فركب راحلته

اسم الکتاب : الزيارة في الكتاب والسنّة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 50
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست