responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوسّل مفهومه وأقسامه وحكمه في الشريعة الإسلامية الغرّاء المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 52

والحديث صحيح السند، فما ظنك برواية رواها الاِمام البخاري، لكن من لا يروق له التوسّل بالذوات الطاهرة أخذ يؤوّل الحديث بأنّ الخليفة توسّل بدعاء العباس لا بشخصه ومنزلته عند الله. وأضاف على ذلك أنّه لو كان قصده ذات العباس لكانت ذات _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أفضل وأعظم وأقرب إلى الله من ذات العباس، بلا شك ولا ريب، فثبت أنّ القصد كان الدعاء[ 1 ].

لا أظنّ أن أحداً يحمل شيئاً من الاِنصاف، يسوِّغ لنفسه أن يفسر الحديث بما ذكره أي التوسّل بالدعاء؛ لاَنّ في الموضوع نصوصاً تردُّ ذلك، وإليك الاِشارة إليها:

1 ـ قول الخليفة عند الدعاء... قال: «اللّهمّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا فتسقينا، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسقنا». وهذا ظاهر في أنّ الخليفة قام بالدعاء في مقام الاستسقاء، وتوسّل بعمّ الرسول في دعائه، ولو كان المقصود هو التوسّل بدعائه، كان عليه أن يقول: يا عمّ رسول الله كنّا نطلب الدعاء من الرسول فيسقينا الله، والآن نطلب منك الدعاء فادع لنا.

2 ـ روى ابن الاَثير كيفية الاستسقاء فقال: استسقى عمر بن الخطاب بالعباس عام الرمادة لمّا اشتدّ القحط، فسقاهم الله تعالى به، وأخصبت الاَرض، فقال عمر: هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه. وقال حسّان:

سأل الاِمام وقد تتابع جدبنا * فسقى الغمامُ بغُرّة العباسِ
عمِّ النّبي وصنوِ والده الذي * ورث النبي بذاك دون الناسِ
أحيى الاِله به البلاد فأصبحت * مخضرّة الاَجناب بعد الياسِ

ولمّا سُقي طفقوا يتمسّحون بالعباس ويقولون: هنيئاً لك ساقي الحرمين[ 2 ].


[1] التوصل إلى حقيقة التوسّل: ص 253.
[2] اُسد الغابة 3: 111 طـ مصر.

اسم الکتاب : التوسّل مفهومه وأقسامه وحكمه في الشريعة الإسلامية الغرّاء المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست