responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التوسّل مفهومه وأقسامه وحكمه في الشريعة الإسلامية الغرّاء المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 32

عن أُناس صالحين ثم إنّها بكثرتها تدل على أنّ التوسّل كان أمراً رائجاً منذ عصر الصحابة إلى زماننا هذا، ولم يكن أمراً غريباً عند المسلمين.

ولو فرضنا أنّ بعض هذه القضايا تخالف الواقع، فلا ريب أنّه من باب استغلال الوضّاعين لاَصل مسَلَّم صحيح بين المسلمين، وهو صحّة التوسّل بدعاء النبي الاَكرم بعد رحيله؛ فانّهم نسجوا بعض القضايا في ظل ذلك الاَصل.

ولو فرضنا أنّه لم يكن أمراً رائجاً بين المسلمين بل كان أمراً غريباً أو محظوراً لما تجرّأ المستغِل أن ينسج قضية كاذبة على نول الشرك أو المحرم، فانّ الذي يحفّز الوضّاع على نسج الخرافة هو استعداد العامة لقبول تلك الخرافة ولولاه لما تجرّأ عليه لعدم حصول الغاية المتوخّاة من نسجها.

فهذه القضايا الكثيرة تدلّ ـ على كلا التقديرين ـ على المطلوب، فإن كانت صادقة فبصدقها، وإن كانت كاذبة فلاَجل حكايتها عن وجود أصل مسلّم بين المسلمين وهو التوسّل بدعاء النبي الاَكرم قبل وبعد موته، وكان هذا الاَصل ربما يستغل أحياناً من بعض المتاجرين بالدين.

على أنّ بعضها ممّا رواه الاِمام البخاري وسائر أصحاب الصحاح فلنذكر نماذج:

1 ـ هذا أبوبكر: أقبل على فرسه من مسكنه بالسنخ حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلّم الناس حتى دخل على عائشة ـرضي الله عنها ـ فتيمم _ صلى الله عليه وآله وسلم _ وهو مسجّى ببرد حبرة، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبّله ثم بكى، فقال: بأبي أنت يا نبي الله لا يجمع الله عليك موتتين أمّا الموتة التي كتبت عليك فقد مُتَّها[ 1 ].

فلو لم تكن هناك صلة بين الحياتين فما معنى قوله: «بأبي أنت يا نبي الله» لو لم يكن سماع فماذا قصد ذلك الصحابي من قوله: «لا يجمع الله عليك موتتين».


[1] البخاري، الصحيح 2: 17، كتاب الجنائز.

اسم الکتاب : التوسّل مفهومه وأقسامه وحكمه في الشريعة الإسلامية الغرّاء المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست