اسم الکتاب : البدعة وآثارها الموبقة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 64
ورد أنّ أوّل شيء أحدثه الناس بعد رسول الله ، اتّخاذ المناخل ولين العيش من المباحات .
وإنّما يصح إطلاق البدعة عليها بالمعنى اللغوي ، بمعنى الشيء الجديد ، سواء كان عملا دينياً أو عادياً . وقد وافقَنا على نفي ذاك التقسيم لفيف من المحقّقين :
منهم : أبو إسحاق الشاطبي في كلام مسهب نذكر منه ما يلي :
إنّ متعقّل البدعة يقتضي ذلك بنفسه لأنّه من باب مضادة الشارع واطّراح الشرع ، وكلّ ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح ، وأن يكون منه
ما يمدح ومنه ما يذم; إذ لا يصح في معقول ولا منقول استحسان مشاقة الشارع . وأيضاً فلو فرض أنّه جاء في النقل استحسان بعض البدع أو استثناء بعضها عن الذمّ لم يتصوّر; لأنّ البدعة طريقة تضاهي المشروعة من غير أن تكون كذلك . وكون الشارع يستحسنها دليل على مشروعيتها; إذ لو قال الشارع «المحدثة الفلانية حسنة» لصارت مشروعة .
ولمّا ثبت ذمّها ، ثبت ذمّ صاحبها ، لأنّها ليست بمذمومة من حيث تصوّرها فقط ، بل من حيث اتّصف بها المتّصف ، فهو إذن المذموم على الحقيقة ، والذمّ خاصة التأثيم ، فالمبتدع مذموم آثم ، وذلك على الإطلاق والعموم»[ 1 ] .
ومنهم : العلاّمة المجلسي قال : «إحداث أمر لم يرد فيه نصّ بدعة ، سواء كان أصله مبتدعاً أو خصوصياته مبتدعة فلربما يقال : إنّ البدعة منقسمة بانقسام الأحكام الخمسة أمر باطل; إذ لا تطلق البدعة إلاّ على ما كان محرّماً ، كما قال رسول الله : «كلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار»[ 2 ] .
ومنهم : الشهيد في قواعده قال : محدثات الأُمور بعد النبيّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ تنقسم أقساماً :