اسم الکتاب : البدعة وآثارها الموبقة المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 4
إنّ المسلمين بعد رحيل الرسول تفرّقوا إلى أُمم ومذاهبَ مختلفة ، ولم يكن ذلك إلاّ إثْر تلاعب المبتدعين في الدين والشريعة ، بإدخال ما ليس من الدين ، في الدين . وكان عملهم تحويراً لصميم العقيدة الإسلامية وشريعتها ، فلولا البدعة والمبتدعون وانتحالُ المبطلين ، لكانت الأُمّة الإسلامية أُمّة واحدة; لها سيادتها على جميع الأُمم والشعوب في أنحاء المعمورة ، وما أثنى ظهورهم إلاّ دبيبُ المبتدع بينهم ، فشتَّتهم وفرَّقهم بعدما كانوا صامدين كالجبل الأشم .
والحروب الدموية ـ التي خاضها المسلمون في عصر الخلافة وبعدها ، وخضّبت الأرض بالدماء الطاهرة ، وسلّ المسلمون سيوفهم في وجه بعضهم ، فسقط منهم آلاف القتلى والجرحى على الأرض ـ هي من جرّاء البدع النابعة عن الأهواء والميول النفسانية; حيث كانوا يتحاربون باسم الدين ، والحال أنّ الدين كان في جانب واحد ، لا في جوانب متكثّرة .
إنّ صراط النجاة في الإسلام هو صراط واحد مستقيم دعا إليه المؤمنين عامّة وقال : ( وَأَنَّ هذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهُ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[ 1 ] .
وأمر المسلمين أن يدعوا الله سبحانه ، أن يثبتهم على هذا الصراط كي لا ينحرفوا يميناً وشمالا كما يقول سبحانه تعليماً لعباده : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)[ 2 ] ولكن المبتدع يسوق الناس إلى سبل منحرفة لاتنتهي إلى السعادة التي أراد الله سبحانه لعباده .
فحقّ التشريع والتقنين لله تبارك وتعالى ، وقد استأثر به وقال : ( إِنِ الْحُكْمُ )