responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 77

باختيار ما نراه موافقاً لمصلحتنا، ومحققاً لخيرنا بحسب العصور والبيئات، فانّ التصرف فيه بالتنظيم أو التغير، لا يكون من الابتداع الذي يوَثّر على تدين الاِنسان وعلاقته بربّه، بل أنّ الابتداع فيه من مقتضيات التطوّر الزمني الذي لا يسمح بالوقوف عند حدّ الموروث من وسائل الحياة عن الآباء والاَجداد [ 1 ].

الاِسلام بين التزمّت والتحلل من القيود الشرعية:

إنّ بين المسلمين من يريد حصر الاَُمور السائغة الموجودة في عصر الرسول الاَكرم حتى يعد نَخْل الدقيق بدعة بحجة أنّه لم يكن في عصره ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيّ منخل [ 2 ] وبين من يريد التحلّل من كل قيد ديني في مجال العمل، فلا يلتزم في حياته بشيء ممّا جاء به الاِسلام.

فالاِسلام لا هذا ولا ذاك، فهو يرفض التزمّت إذا كان العمل غير خارج عن الاَُطر العامّة الواردة في الكتاب والسنّة، كما يرفض التحلّل من كل قيد، فآفة الدين ليست منحصرة بالثاني بل آفة الاَوّل ليست بأقل منه.

فانّ حصر الجائز من الاَُمور العادية بما كان رائجاً في عصر النبي أو عصر الصحابة، كَبْت للاَدمغة وتقييد للحركة الحضارية عن التقدم نحو الكمال. وإظهار للاِسلام بأنّه غير قابل للتطبيق في جميع الاَعصار المتقدمة فضلاً عن عصر الذرة.

من الاَسباب التي أوجبت خلود الدين الاِسلامي، وأعطته الصلاحية للبقاء مع اختلاف الظروف وتعاقب الاَجيال كونه ديناً جامعاً بين الدعوة إلى المادة والدعوة إلى الروح، وديناًوسطاً بين المادية البحتة والروحية المحضة، فقد آلف



[1]الشيخ شلتوت: الفتاوى: 163.
[2]الشاطبي: الاعتصام: 2|73.

اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست