responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 349

والحاصل أنّ ما أُثير من الاِشكال في المقام ناشىَ من عدم الاِمعان فيما ذكرنا من الاَمرين فتارة حسبوا أنّ المراد من التأبيد هو الاستحالة فأوردوا بأنّه ربّما يكون المدخول أمراً ممكناً كما في قوله («فَقُلْ لَن تَخرجوا معيَ أبداً») (التوبة ـ 83) وأُخرى حسبوا أنّ التأبيد يلازم النفي والمعدوم المطلق فناقشوا بالآيات الماضية التي لم يكن النفي فيها نفياً مطلقاً، ولو أنّهم وقفوا على ما ذكرنا من الاَمرين لسكتوا عن هذه الاعتراضات.

وبما أنّه سبحانه لم يتخذ لنفي روَيته ظرفاً خاصاً، يكون مدلوله أنّه لا تتحقق الروَية أبداً لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة.

والحاصل أنّ الآية صريحة في عدم احتمال الطبيعة البشرية لذلك الاَمر الجلل ولذلك أمره أن ينظر إلى الجبل عند تجلّيه، فلمّـا اندكّ الجبل خرّ موسى مغشياً عليه من الذعر، ولو كان عدم الروَية مختصاً بالحياة الدنيا لما احتاج إلى هذا التفصيل بل كان في وسعه سبحانه أن يقول لا تراني في الدنيا ولكن تراني في الآخرة فاصبر حتى يأتيك وقته، والاِنسان مهما بلغ كمالاً في الآخرة فهو لا يخرج عن طبيعته التي خلق عليها وقد بيّن سبحانه أنّه خلق ضعيفاً.

2ـ تعليق الروَية على أمر غير واقع:

علّق سبحانه الروَية على استقرار الجبل وبقائه على الحالة التي هو عليها عند التجلّـي. وعدم تحوّله إلى ذرات ترابية صغار بعده، والمفروض أنّه لم يبق على حالته السابقة وبطلت هويته وصار تراباً مدكوكاً فإذا انتفى المعلق عليه (بقاء الجبل على حالته) ينتفي المعلق، وهذا النوع من الكلام، طريقه معروفة، حيث يعلِّقون وجود الشيء بما يعلم أنّه لا يكون، واللّه سبحانه بما أنّه يعلم أنّ الجبل لا يستقر في مكانه ـ بعد التجلّـي ـ فيعلّق الروَية على استقراره، حتى يستدل بانتفائه

اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 349
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست