اسم الکتاب : البدعة مفهومها ، حدها وآثارها ومواردها المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 336
المرحلة الاَُولى: في بيان مفهوم الدرك لغة:
الدرك في اللغة: اللحوق والوصول وليس بمعنى الروَية، ولو أُريد منه
الروَية فإنّما هو باعتبار قرينيّة المتعلّق، قال ابن فارس: الدرك له أصل واحد (أي
معنى واحد) وهو لحوق الشيء بالشيء ووصوله إليه، يقال: أدركت الشيء،
أدركه إدراكاً، ويقال: أدرك الغلام والجارية إذا بلغا، وتدراك القوم: لحق آخرُهم
أوّلهم، فأمّا قوله تعالى: («بَلِ ادّاركَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ») (النمل|66) فهو من
هذا، لاَنّ علمهم أدركهم في الآخرة حين لم ينفعهم [ 1 ].
وقال ابن منظور مثلَه، وأضاف: ففي الحديث «أعوذ بك من درك الشقاء»
أي لحوقه يقال: مشيتُ حتى أدركتُه، وعشتُ حتى أدركتُه وأدركته ببصري أي
رأيته [ 2 ].
إذا كان الدرك بمعنى اللحوق والوصول فله مصاديق كثيرة فالاِدراك
بالبصر التحاق من الرائي بالمرئي بالبصر، والاِدراك بالمشي كما في قول ابن
منظور: «مشيت حتى أدركته» التحاق الماشي بالمتقدم بالمشي وهكذا غيره.
فإذا قال سبحانه: («لا تدُركُهُ الاَبصارُ») يتعيّن ذلك المعنى الكلّـي
(اللحوق والوصول) بالروَية ويكون معنى الجملة أنّه سبحانه تفرّد بهذا الوصف
تعالى عن الروَية دون غيره.
الثانية: في بيان مفهوم الآيتين:
إنّه سبحانه لما قال: («وهوَ عَلَى كُلِّ َشيءٍ وَكيلٌ») ربّما يتبادر إلى بعض