إنّ قوله («وأن تصوموا خير لكم») راجع إلى المسافر فهو يدلّ مضافاً إلى
جواز الصيام في السفر، يدلّ على أفضليته فيه وينتج أنّ الاِفطار رخصة والصيام
أفضل.
يلاحظ عليه: أوّلاً: أنّ الاستـدلال إنّما يتم لو لم نقـل بأنّ الآية الثانية («شهر
رمضان الذي أُنزل فيه القرآن ...») ناسخة للآية المتقدمة برمتها ومنها قوله: («وأن
تصوموا خير لكم»). وإلاّ فعلى القول بالنسخ كما رواه الاِمام البخاري يسقط
الاستدلال وإليك ما روى: قال: (باب وعلى الذين يطيقونه فدية) قال ابن عمر
وسلمة بن الاَكوع: نسختها («شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس
وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو
على سفر فعدة من أيام أخر...»)[ 1 ].
وثانياً: أنّ الاستدلال مبني على أن لا يكون قوله سبحانه: («وأن تصوموا
خير لكم») ناسخاً لقوله: («وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع
خيراً فهو خير له ») كما رواه الاِمام البخاري عن ابن أبي ليلى أنّه حدّثه أصحاب
محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل
يوم مسكيناً ترك الصوم ممّن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها: («وأن
تصومـوا خير لكم»)فأُمروا بالصوم [ 2 ].