أما بعد : فإن درة يتيمة من الصدف النبوي. وثمرة ذات قيمة عظيمة من الشجر العلوي ، قد أنتج من خاطره اللطيف ، وخرج من لطيفه الشريف فرط عنايته وشدة تشوفه [١] إلى كتاب بديع في فقه الفرقة المتسمية بالشيعة الإمامية الموسومين بفضل اختصاص بأهل البيت من بين الفرق الإسلامية ، على آنق [٢] ترتيب وتهذيب ، وأرشق تفضيل وتبويب ، قد أقتصر على محض الأصول ، وجرد عن فضول الفصول ، يشتمل على فوائد المجلدات ، ويندرج لخفة حجمه في سلك المختصرات ، من أتقنه تيقن أن الحق مغزاه وفحواه.
فحداني عالي همته وحتم إشارته على تصنيف هذا الكتاب ، الذي برز بفنون من الفضل على أكثر كتب الأصحاب ، يشهد بصحته العقل وملهمه والعاقل ومعلمه [٣] ويرتع في رياضة العالم البصير ، ويسبح [٤] في حياضه المتبحر النحرير ، وما ذلك ، ـ بعد توفيق الله عز اسمه ـ إلا بيمن نفسه وعلو همته ، أرجو أن يقع فيما يرضاه من مبتدأة إلى منتهاه ، فيكون شكرا مني لبعض نعمائه.
وسميته « إصباح الشيعة بمصباح الشريعة » جعله الله للمتفقهة مصباحا ، وليل حيرتهم صباحا ، والله أعتد وإياه أستعين ، وهو حسبي ونعم الوكيل.
[١] تشوفت إلى الشيء : تطلعت ، مجمع البحرين. [٢] الآنق : الحسن المعجب. [٣] المعلم : الأثر الذي يستدل به على الطريق. ومعلم كل شيء مظنته. لسان العرب. [٤] سبح الرجل في الماء سبحا ، من باب نفع ، والاسم السباحة بالكسر. المصباح المنير.