فبملاحظة هذه القرائن والشواهد تظهر قوة القول بالإخراج من الثلث وضعف القول الآخر، ومن أراد الاحتياط فليس له الإفتاء بأحد القولين، بل الإفتاء بالتصالح، كما عليه السيد الميلاني (قدس سره)في رسالته العمليّة.
وينبغي التنبيه على أُمور:
الأوّل: ما هو المراد من الثلث؟
اعلم أنّ هنا مسألتين: الأُولى ما هو المراد من الثلث في باب الوصية الّتي اتّفقت كلمتهم فيها على عدم جوازها فيما إذا كانت زائدة على الثلث؟
الثانية: ما هو المراد من الثلث في منجّزات المريض على القول بعدم جوازها فيما إذا زادت على الثلث ؟ وها نحن ندرس كلماتهم في كلا المسألتين:
أمّا المسألة الأُولى: فقال المحقّق: ويعتبر الثلث وقت الوفاة لا وقت الوصاية، فلو أوصى بشيء وكان موسراً في حال الوصية ثم افتقر عند الوفاة لم يكن بإيساره اعتبار. وكذلك لو كان في حال الوصية فقيراً ثم أيسر وقت الوفاة كان الاعتبار بحال إيساره (الّذي هو وقت الوفاة) .[ 1 ]
ثم إنّ صاحب المسالك أشكل على المحقّق في جعل الوفاة هو الميزان في تقدير الثلث بأنّه إنّما يتم إذا كان الموصى به قدراً معيناً كعين أو مائة درهم مثلاً. وأمّا لو انعكس (كما إذا أوصى بثلث ماله في المبرّات) أشكل اعتبار وقت الوفاة للشك في قصد الزائد وإنّما دلّت القرائن على عدم
[1] الشرائع: 2 / 246، كتاب الوصايا، باب في الموصى به .