فانّ الخبر ظاهر في أنّ البيّنة رأت الهلال قبل يوم ودخلت مصر بعد يوم و من المعلوم انّ مثل هذا لا يصدق على المسافات الشاسعة.
ومنه يعلم انّ الاستدلال بصحيحة أبي بصير التي جاء فيها: «إلاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر» في غير محله. فإنّ قوله «من جميع أهل الصلاة» ناظر إلى عمومية الحكم لجميع المسلمين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم لا على اختلاف بلادهم في الآفاق.
كما أنّ المراد من قوله:«أهل الأمصار» في نفس الصحيحة هي الأمصار المتقاربة التي كان الرجل يقطع بينها حسب الوسائط النقلية المتوفرة في يوم أو يومين ويحمل خبر الرؤية.
***
الثالث: صحيحة عيسى بن عبيد
روى محمد بن عيسى بن عبيد قال: كتب إليه أبو عمر[ 1 ]: أخبرني يا مولاي انّه ربما أشكل علينا هلال شهر رمضان فلا نراه ونرى السماء ليست فيها علّة فيفطر الناس ونفطر معهم، ويقول قوم من الحسّاب قبلنا: إنّه يرى في تلك الليلة بعينها بمصر وإفريقية والأندلس، فهل يجوز يا مولاي ما قال الحسّاب في هذا الباب حتى يختلف القرص على أهل الأمصار، فيكون صومهم خلاف صومنا، و فطرهم خلاف فطرنا؟
[1] أبو عمر الحذاء من أصحاب الإمام الهادي(عليه السلام).