البلد أو البعيدة منه، لأنّ بناء التكليف على الرؤية لا على جواز الرؤية، ولعدم انضباط القرب والبعد لجمهور الناس، ولإطلاق اللفظ، فما اشتهر بين متأخري أصحابنا ـ من الفرق ثمّ اختلافهم في تفسير القرب والبعد بالاجتهاد ـ لا وجه له.[ 1 ] وسيوافيك انّ المناط هو جواز الرؤية.
وقال المحدّث البحراني (المتوفّى1186هـ): قد صرّح جملة من الأصحاب بأنّ حكم البلاد المتقاربة كبغداد والكوفة واحد، فإذا رُئي الهلال في أحدهما وجب الصوم على ساكنيهما، أمّا لو كانت متباعدة كبغداد وخراسان والعراق والحجاز، فانّ لكلّ بلد حكم نفسها. وهذا الفرق عندهم مبني على كروية الأرض وأمّا مع القول بعدمها فالتساوي هو الحقّ.[ 2 ]
الظاهر تصحيح النزاع على القول بكرويتها، وإن كان على القول بكونها مسطحة غير صحيح كما سيوافيك.
وقد تبعهما النراقي في «المستند»، وقال: الحقّ كفاية الرؤية في أحد البلدين للبلد الآخر مطلقاً سواء أكان البلدان متقاربين أو متباعدين كثيراً، لأنّ اختلاف حكمهما موقوف على العلم بأمرين لا يحصل العلم بهما البتة.[ 3 ]
وقال في الجواهر(1200ـ1266هـ): إن علم طلوعه في بعض الأصقاع وعدم طلوعه في بعضها للتباعد عنه لكروية الأرض لم يتساو أحكامهما.
ثمّ قال: ويمكن أن لا يكون كذلك ضرورة عدم اتفاق العلم بذلك
[1] الحدائق الناضرة:13/268، نقلاً عن الوافي للمحدث الكاشاني.