وقوّة لردع هذه المخاطر المحتملة، ولكن مع ذلك فإنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لم يبدأ بالحروب، وإنّما كانت حروبه دفاعيّة، وأنّه اعتمد لغة الحوار، ولكنّ الحوار الذي اعتمده النبيّ صلى الله عليه و آله لا يعني الذوبان في الباطل، فدافع النبيّ صلى الله عليه و آله عن الإسلام بكلّ ما يملك، وكان النبيّ صلى الله عليه و آله يعتمد على سيف عليّ عليه السلام، هذا السيف الذي جعل بني اميّة يسلمون في عام الفتح بالضغط، وإسلامهم كان في الظاهر، ولكنه بلا روح، ولذلك حاربوا عليّاً بعد النبيّ صلى الله عليه و آله، وواجهوا سيفه لأنّهم لم يمتلكوا الإيمان الحقيقي.

لأنّ ذلك السيف الذي شيّد بناء الإسلام هو السيف الذي فرض اللَّه عليه أن يشيّد الإيمان في حروبه الثلاثة التي خاضها في زمن خلافته عليه السلام. وكمّا أنّ النبيّ قد واجه حجج قريش باعتبارهم من أتباع دين إبراهيم الحنيف وأنّهم أهل حرم اللَّه، كذلك واجه الإمام عليّ عليه السلام حجج المخالفين له بأنّ من المخالفين له امّ المؤمنين، ووجود كبار الصحابة كطلحة والزبير في الجيش المناوي له، أمّا الخوارج فكانت حجّتهم:

(لا حكم إلّاللَّه)، فهذه كلمة الحقّ التي اريد بها الباطل واريد بها نفي الإمارة البشريّة المنصوبة من الدين، وهي دعوى إلى الهرج والمرج، وكذلك معاوية فإنّه رفع شعار الثأر والقصاص لدم عثمان ثالث الصحابة، وأنّه والي على الشام على حكم الخلفاء الثلاثة، ومع هذا فليس من الممتنع أن يكون هنالك توحيد في الحاكميّة، حيث نعتقد أنّ التوحيد في الحاكميّة لا يوجد في أي مدرسة من المدارس الدينيّة والفكرية غير مدرسة أهل البيت عليهم السلام التي تطبّق التوحيد في الحاكميّة من خلال أصل الإمامة الذي تعتقد به.

الإمام عليّ عليه السلام في مواجهة الفتنة الفكريّة

إنّ الذين وقفوا في وجه النبيّ صلى الله عليه و آله وأصبحوا جبهة واحدة لها تلك الطبقات التي ذكرناها، لا يختلفون عمّن وقفوا في وجه أمير المؤمنين عليه السلام من حيث الخصائص والصفات التي تميّز بها هؤلاء وتلك المسمّيات الكبيرة التي سُمّي بها هؤلاء شكّلت